السبت، 16 مايو 2020

البحتري.. قالتِ: الشَّيْبُ بَدا، قلتُ: أجَلْ،

قال البحتري :
قالتِ: الشَّيْبُ بَدا، قلتُ: أجَلْ،
سَبَقَ الوَقْتَ ضِرَاراً، وَعجِلْ

وَمَعَ الشّيبِ، عَلَى عِلاّتِهِ،
مُهْلَةٌ للّهْوِ حِيناً، وَالغَزَلْ

خُيّلَتْ أنّ التّصَابي خَرَقٌ،
بَعدَ خَمسينَ، وَمَنْ يَسمعْ يَخَلْ

أتُرَى حُبّي لِسُعْدَى قاتِلي،
وَإذا ما أفْرَطَ الحُبُّ قَتَلْ

خَطَرَتْ في النّوْمِ، منها خطرَةٌ،
خَطْرَةَ البَرْقِ بَدا ثمّ اضْمحلّ

أيُّ زَوْرٍ لكِ، لوْ قَصْداً سَرَى،
وَمُلِمٍ مِنْكِ، لَوْ حقّاً فَعَلْ

يَتَرَاءَى، والكَرَى في مُقلَتي،
فإذا فارَقَها النّوْمُ بَطَلْ

قَمَرٌ أتْبَعْتُهُ، مِنْ كَلَفٍ،
نَظَرَ الصَّبِّ بِهِ، حتّى أفَلْ

أوْجَلَتْني، بَعْدَ أمنٍ، غِرّتي،
واغترَارُ الأمنِ يَستَدعي الوَجلْ

لمْ أُوَهَّمْ نِعْمَتي تَغْدُرُ بي
غِدْرَةَ الظّلّ سَجا، ثمّ انتَقَلْ

زَمَنٌ تَلْعَبُ بي أحْداثُهُ
،لَعِبَ النَّكْبَاءِ بالرّمْحِ الخَطِلْ

وأرَى العُدْمَ، فَلاَ تَحْفِلْ بِهِ،
عَقْبَةً تُقْضَى، وَكَلماً يَندمِلْ

أكبَرَتْ نَفسِي، وَكُرْهاً أكبرَتْ،
أنْ تُلَقّى النَّيْلَ من كفّ الأشَلّ

وَمِنَ المَعْرُوفِ مُرٌّ مَقِرٌ،
يَلْفِظُ الطّاعِمُ مِنْهُ ما أكَلْ

نَطلُبُ الأكثرَ في الدّنيا، وَقَدْ
نَبْلُغُ الحَاجَةَ فيها بالأقَلّ

وإذا الحُرُّ رأى إعْرَاضَةً
من صَديقٍ، صَدّ عَنهُ، ورََحَلْ

وَأقَلَّ المَكْثَ في الدّارِ، فمَنْ
أمِنَ التّثْقيلَ بالمَكْثِ ثَقُلْ

أخلَقَ النّاسُ الأخيرُونَ، كأنْ
لمْ يُنَبَّوْا جِدّةَ النّاسِ الأُوَلْ

وَلَقَدْ يَكثُرُ، مِنْ إعْوَازِهِ،
رَجُلٌ تَرْضَاهُ مِنْ ألْفِ رَجُلْ

كُلّما أغرَقْتُ في مَدْحِهِمُ،
أغرَقوا في المَنعِ منهمْ، والبَخَلْ

وَمِنَ الحَسرَةِ وَالخُسْرَانِ أنْ
يَحبِطَ الأجرُ على طولِ العَمَلْ

أنَا، مِنْ تَلْفيقِ ما مَزّقَهُ
مُرْتَجُوهُمْ، في عَنَاءٍ وَشَغَلْ

أصِلُ النَّزْرَ إلى النّزْرِ، وَقَدْ
يَبْلُغُ الحبلُ، إذا الحبلُ وُصِلْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..