هناك من الناس من دافعه طلب الحق ولو أخطأ الجادة ، ومن الناس من دافعه الحقد والهوى والاغترار بالمواهب وحظ النفس وشهوة التقدم والرياسة ، ويُمَيَّز كل فريق عن الآخر ويُعرَف بأمور عدة ويتفاوت الناس في درجة التمييز ، فكل منهم يتضح له طالب الحق من طالب الهوى بإحدى الطرق ومن الناس من يفتح الله عليه ويتكشف له طالب الحق من طالب الهوى بالطرق كلها ، لكن لا أحد يُغْلِق الله عليه فلا يميز طالبَ الحق من طالب الهوى بل لا يترك الله أبداً صاحب الهوى يُضِل الناس حتى يُبَيِّن أمره ، فلا يبقى لا يعرفه إلا من لا يريد أن يعرفه ويكون بينهما انسجام وتطابق في الأهواء ، فهؤلاء الذين يبقون على متابعة أهل الأهواء ويصبحون جمهورهم ومتابعيهم ومؤيديهم ، وقد يبلغون من الكثرة حداً يعمون به بصائر بعضهم ويزيدون من غرور متبوعيهم .
فمن الناس من يميز أولئك الذين دافعهم الحقد والهوى والاغترار بالمواهب وحظ النفس وشهوة التقدم والرياسة بمجرد مخالفتهم للكتاب والسنة ، فلا يكاد أحدٌ يخالف في شيءٍ من أمره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو أحدهما إلا وتجد هؤلاء مُعرِضون عنه فيما خالف فيه منكرون عليه فعله ، سواء أكان ما خالفه من النصوص جلياً أم خفياً ، لا يختلف ذلك عندهم في ردهم فعله والإعراض عنه ما عرفوه منه .
ومن الناس من إذا خالف متبوعُه النصَّ الشرعي انتحل له تأويلاً وجعل تأويلَه فعلَ صاحبه في مقام النص الإلهي وربما أعظم التزاماً عنده ، وقد يركب المتبوعُ الباطلَ لا يريد منه إلا الباطل ،ويكون فَعَلَه معصيةً كما يعصي اللهَ سائرُ البشر ، لكن التابع يأبى إلاَّ أن يُزَيِّنه له ويصورَه في صورة الطاعات المطلوبات من الله تعالى.
فهذا وأمثالُه من التابعين الغالين في متبوعيهم كثيراً ما يُهيؤ الله لهم ما يكشف له متبوعهم ، إما بأن يرتكب متبوعه باطلاً لا يستطيع تأويله ، وإما بانصراف قلبٍ عنه ، وإما بشيٍ من الهدى يقذفه الله في قلوبهم فيعودون إلى تعظيم النصوص ونبذ ما كانوا يفتعلونه من التأويلات لأباطبل متبوعيهم .
وقد يُظهر الله باطل المتبوع بما قد يبتليه الله به من الغرور والغطرسة التي تصرف عنه الناس ؛ أو بانكشاف جهله وافتضاح إرادته فيما غرَّ الناس به الدنيا دون الحق ، أو بتحالفه وتقاربه مع صاحب باطل مُفْتضَح أمره ، أو بهداية المتبوع نفسه عمَّا كان ضالاً فيه .
الغاية من كل ذلك أن أعود للقول :
أن من رحمة الله تعالى ولطفه أنه لا يترك مُبطلاً إلا ويقيم الحجة بكشف باطله ، وهو تفصيل الآيات وتبيينها الذي أخبر عنه الله تعالى : ﴿وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ [الأعراف: ١٧٤] ﴿قَد جاءَكُم بَصائِرُ مِن رَبِّكُم فَمَن أَبصَرَ فَلِنَفسِهِ وَمَن عَمِيَ فَعَلَيها وَما أَنا عَلَيكُم بِحَفيظٍ وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ وَلِيَقولوا دَرَستَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَومٍ يَعلَمونَ﴾ [الأنعام: ١٠٤-١٠٥]
أن من رحمة الله تعالى ولطفه أنه لا يترك مُبطلاً إلا ويقيم الحجة بكشف باطله ، وهو تفصيل الآيات وتبيينها الذي أخبر عنه الله تعالى : ﴿وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ [الأعراف: ١٧٤] ﴿قَد جاءَكُم بَصائِرُ مِن رَبِّكُم فَمَن أَبصَرَ فَلِنَفسِهِ وَمَن عَمِيَ فَعَلَيها وَما أَنا عَلَيكُم بِحَفيظٍ وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ وَلِيَقولوا دَرَستَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَومٍ يَعلَمونَ﴾ [الأنعام: ١٠٤-١٠٥]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..