الثلاثاء، 1 ديسمبر 2020

المد المنفصل (التعريف والحكم والأقسام)

تعريف المدِّ المنفصل:   هو الذي يكون حرف المدِّ في آخر الكلمة والهمز في أول كلمة أخرى تليها مباشرة، ويسمى أيضاً

بمدِّ الفصل، لأنه يفصل بين كلمتين. وبمدِّ البسط: لأنه يبسط بين كلمتين. وبمدِّ الاعتبار، لاعتبار الكلمتين من كلمة، ويقال مدُّ الحرف لحرف، أي مدُّ كلمة لكلمة [1] نحو ﴿ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ ﴾، ﴿ قَالُوا إِنَّا ﴾، ﴿ إِنِّي أَنَا ﴾،.... وهكذا.

ويلحق بهذا النوع مدُّ الصلة الكبرى في هاء الكناية إذا جاء بعدها همز نحو ﴿ يُبَدِلُونَهُ و إِنَّهُ ﴾ في (البقرة 181)، ﴿ وَأَمْرُهُ و إِلَى ﴾ في (البقرة 275)، ﴿ عِنْدَهُ و أَجْرٌ عَظِيم ﴾ (التوبة 22)، ﴿ مِنْ عِلْمِهِ ى إِلاَّ ﴾، (البقرة 255)، ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ى أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ﴾ (الروم 20)، وكذلك يلحق بهاء الصلة اسم الإشارة (هذه) إذا جاء بعدها همز نحو ﴿ إِنَّ هَذِهِ ى أُمَّتُكُمْ ﴾ في.

ويلحق به أيضاً صلة ميم الجمع إذا جاء بعدها همز نحو ﴿ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ ﴾ (البقرة 6) وسنبين ذلك في مطلبين مستقلين إن شاء الله لكل من هاء الكناية وميم الجمع.

حكم المـدِّ في المنفصل:

حكم مدِّه الجواز لاختلاف القرَّاء في قصره ومدِّه، فمن قرأه بالقصر فإنه لم يعتدّ بالهمز لعدم ثبوته وقفاً، ومن قرأه بالمدِّ أكثر من الطبيعي فإنه اعتدَّ بالهمز بعده عند الوصل [2].

الدليل على قصر المدِّ المنفصل؟:

تعدُّ مرتبة قصر المنفصل من المراتب الثابتة الصحيحة المقروء بها، فقد ثبت ذلك بالتواتر عن ابن كثير، وأبي جعفر، ويعقوب، والسوسي عن أبي عمرو قولاً واحداً. وثبت عن قالون، والأصبهاني عن ورش، والدوري عن أبي عمرو بخلف عنهم، وثبت عن حفص بخلف عنه من طريق طيبة النشر وهو طريق أبي الحسن زرعان عن عمرو بن الصباح وهو المشهور عند العراقيين ومن طريق أبي جعفر الفيل أيضاً. وقصره يعني الاكتفاء بإبقاء ذات الحرف والنطق به بدون زيادة وتطويل في زمن صوته [3].

أقسام المدِّ المنفصل:

ينقسم المدُّ المنفصل إلى قسمين:

الأول: المنفصل الحكمي:

هو أن يكون حرف المدِّ أو اللين محذوفاً في الرسم ثابتاً في اللفظ ومنه: ياء النداء نحو ﴿ يإبرَاهِيمُ ﴾ (غافر 44)، ﴿ يأَيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ﴾ (النساء 1). وها التنبيه ﴿ هَأَنُتُمْ هَؤلاءِ ﴾ (آل عمران 66). وصلة هاء الضمير نحو ﴿ أَنْ لَمْ يَرَهُ و أَحَد ﴾ (البلد 7). وصلة ميم الجمع عند من وصلها بواو نحو ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ ﴾ (البقرة 78). فلا يجوز الوقف على حرف المدِّ لعدم ثبوته رسماً، ولاعتبارها كلمة واحدة من قبيل الموصول في الرسم.


والثاني: المنفصل الحقيقي:

هو أن يأتي حرف المدِّ أو اللين مفصولاً عن الهمزة حسب الرسم كما ﴿ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ ﴾ (القدر 1)، ﴿ قَالُوا إِنَّا ﴾، ﴿ إِنِّي أَنَا ﴾.... وما شابهها.


وكلا القسمين في الحكم سواء لا فرق بينهما في مقدار مدِّه عند الوصل. وأما عند الوقف على المنفصل الحقيقي فيصير حكمه كالمدِّ الطبيعي لجميع القرَّاء، لأن انتفاء الهمز عند الوقف سبب للقصر، ووجوده عند الوصل يكون سبباً في زيادة المدِّ، فلما انعدم الهمز بسبب الوقف انعدمت هذه الزيادة هذا في المدِّ المنفصل الحقيقي. أما المنفصل الحكمي فالمقدار الزائد على القصر ثابت في الوصل والوقف لعدم إمكان الوقف على يا من (يأيها) غير المفصولة، وأما هاء الصلة وميم الجمع فمقدار المدِّ فيه ثابت في الوصل فقط أما عند الوقف فيحذف المدُّ مطلقاً، لأن الهاء والميم سكنتا للوقف وبسكونهما انعدمت الصلة.


مراتب المدِّ المنفصل:

ذكر الإمام ابن الجزري (رحمه الله تعالى) في كتابه النشر أن للقرَّاء قديماً في المدِّ المنفصل سبع مراتب هي [4]: القصر، وفويق القصر، والتوسط، وفويق التوسط، والطول، وفويق الطول [5]، والإفراط [6].


ولكن المحققين جعلوها خمس مراتب هي: القصر المحض، وفويق القصر، والتوسط، وفويق التوسط، والطول.


قال ابن الجزري:

(هذا ما استقر عليه المحققون من أهل العلم)، ثم استأنف قائلاً (فهذا ما يحضرني من نصوصهم، ولا يخفى ما فيها من الاختلاف الشديد في تفاوت المراتب وأنه ما من مرتبة ذكرت لشخص من القراء إلاَّ وذكر له ما يليها، وكل ذلك يدل على شدة قرب كل مرتبة مما يليها، وإن مثل هذا التفاوت لا يكاد ينضبط، والمنضبط من ذلك غالباً هو القصر المحض [7] والمدُّ المشبع من غير إفراط عرفاً، والتوسط بين ذلك وهي المراتب تجري في المنفصل)[8].



[1] ينظر: النشر 1/250.

[2] ينظر: هداية القاري إلى تجويد كلام الباري 1 /285.

[3] ينظر: النشر 1 /321.

[4] ينظر: النشر 1/ 255-260.

[5] هذه المرتبة قدرها الهذلي بخمس ألفات ونقل ذلك عن ابن غلبون وقيل بأقل. وكلام الهذلي هو الصحيح وهي عن حمزة لرجاء، وابن قلوقا، وابن رزين، وخلف من طريق إدريس، والمحفي وغيرهم من أصحاب السكت عنه وللشموني عن الأعشى غير ابن أبي أمية، وللزند، ولأبي قتيبة، ولورش غير الأصبهاني عنه، وهي أيضاً في غاية أبي العلاء لقتيبة عن الكسائي، وفي مبسوط بن مهران لورش، وهي أيضاً في جامع البيان لحمزة في غير رواية خلّاد، ولأبي بكر من رواية الشموني عن الأعشى عنه، ولحفص في رواية الأشناني عن أصحابه وللكسائي في رواية قتيبة قال: (لأن هؤلاء يسكتون على الساكن قبل الهمزة فهم لذلك أشد تحقيقاً وأبلغ تمكيناً). قال ابن الجزري: (قلت: وقد خلف هذا القول في التيسير ومفرداته فجعل مدَّ حمزة في رواية خلف وخلّاد وسائر رواته واحداً والصواب – والله أعلم - أن هذه المرتبة إنما تأتي لأصحاب السكت على المدِّ لا لأصحاب السكت مطلقاً فإن من يسكت على حروف المدِّ قبل الهمز كما يسكت على الساكن غيره قبل الهمز لا بد لهم من زيادة قدر السكت بعد المدِّ، فمن ألحق هذه الزيادة بالمدِّ زاد مرتبة على المرتبة الخامسة ومن لم يلحقها بالمدِّ لم يتجاوز المرتبة الخامسة، ومن عدل عن ذلك فقد عدل عن الأصوب والأقوم والله تعالى أعلم). ينظر: النشر 1 /255.

[6] قدَّر الهذلي هذه المرتبة بست ألفات وذكرها كاملة لورش فيما رواه الحداد، وابن نفيس، وابن سفيان، وابن غلبون وقد وهم عليهم في ذلك وانفرد بهذه المرتبة وشذَّ عن إجماع أهل الأداء وهؤلاء الذين ذكرهم فالأداء عنهم مستفيض ونصوصهم صريحة بخلاف ما ذكره ولم يتجاوز أحد منهم المرتبة الخامسة وكلهم سوى بين ورش من طريق الأزرق وبين حمزة. ينظر: النشر 1 /255.

[7] قصر المنفصل: نعني به حذف المدِّ العرضي وإبقاء ذات الحرف على ما فيها من غير زيادة.

[8] ينظر: النشر 1 /260.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..