(1335ـ1399هـ=1917ـ1979م)
اسمه ومولده
هو العلامة المقرئ المفسِّر الفقيه المحدِّث اللغوي؛أمين الإفتاء وشيخ القرَّاء؛ علامة حمص وعالمها؛ فريد عصره ودرَّة زمانه الشيخ أبو عبد الرحمن عبد العزيز بن الشيخ محمد علي بن الشيخ عبد الغني عيون السود الحمصي الحنفي.
ولد في مدينةحمص ليلة الخميس في الثامن من شهر جمادى الأولى عام 1335هـ الموافق للأول من شهر آذار عام1917م ؛ لأسرة عريقة في العلم والفضل ، فوالده (محمد علي)، وعمه(عبد الغفار) من كبار علماء حمص ومشايخها.
شيوخه
نشأ الشيخ عبد العزيز في بيت علم ودين: وكان رحمه الله ذا همة عالية في طلب العلم والرحلة إليه حتى تخرج على كبار علماء عصره وأجيز منهم، ومن أبرز شيوخه:
- والده الفقيه المفسِّر الشيخ محمد علي عيون السود، المدرس العام بالجامع النُّوري الكبير، ومدير المعهد العلمي الشرعي بحمص، المتوفى سنة 1371هـ رحمه الله تعالى .
- عمه العلامة المفسِّر المحدِّث الشيخ عبد الغفار عيون السود، شيخ فقهاء حمص في وقته، ومرجع الفتوى في الفقه الحنفي ، المتوفى سنة 1350هـ رحمه الله تعالى.
- العلامة الفقيه الحنفي الشيخ عبد القادر الخوجة المتوفى عام1373 رحمه الله تعالى.
- العلامة الشيخ طاهر الرئيس رحمه الله تعالى .
- الشيخ عبد الجليل مراد، المتوفى عام1399 رحمه الله تعالى .
- العلامة الفقيه الشيخ محمد زاهد الأتاسي، مدير المدرسة الشرعيَّة الوقفيه بحمص، ورئيس علمائها، المتوفى عام1366=1947 رحمه الله تعالى .
- العلامة اللغوي البارع الشيخ أنيس بن خالد كلاليب الفقيه الشافعي رحمه الله تعالى .
- الشيخ محمد الياسين، عبد السلام بسمار الشافعي ،وهووالد فضيلة الشيخ أبو السعود بسمار رحمهما الله تعالى.
- العلامة الفقيه النحوي الشيخ أحمد بن عمر صافي، المتوفى عام 1367 رحمه الله تعالى.
- المقرئ سليمان الفارسي كوري المصري رحمه الله تعالى .
- شيخ قراء دمشق محمد سليم الحلواني(1285ـ1363هـ =1868ـ1944م).
- المقرئ الجامع عبد القادر قويدر العربيلي(1318ـ1379هـ =1900ـ1959م).
- شيخ قراء الحجاز أحمد بن حامد الحسيني التيجي المصري، ثم المكي(1285ـ1368).
- شيخ القراء في مصر العلامة علي بن محمد الضبَّاع ، المتوفى عام1380هـ رحمه الله تعالى .
- الشيخ المسند المقرئ نُعيم بن أحمد النُّعيمي الجزائري المتوفى عام 1393 رحمه الله تعالى .
طلبه العلم
تلقَّى عن عمِّه الشيخ عبد الغفار، وعن الشيخ عبد القادر الخوجه، والشيخ طاهر الرئيس ، والشيخ عبد الجليل مراد... وغيرهم. كما تلقى في دار العلوم الشرعيَّة التابعة للأوقاف عن الشيخ زاهد الأتاسي، والشيخ أنيس كلاليب، والشيخ محمد الياسين، والشيخ أحمد صافي، ووالده الشيخ محمد علي عيون السود، وتخرج فيها عام 1355هـ =1936م.
أصيب الشيخ بمرض قطعه عن الناس، فاغتنم الفرصة فحفظ القرآن الكريم، ومن ثمَّ تلقَّى القراءات السبع من طريق الشاطفية عن الشيخ سليمان الفارس كوري.
رحلته في طلب العلم
ثم نزل دمشق فقرأ على شيخ قرائها محمد سليم الحلواني، القراءات العشر الصغرى من الشاطبية والدرة. وفي وقت أخذه عنه كان يتردَّد إلى قرية عربيل( عربين) قرب دمشق ليأخذ عن المقرئ الشيخ عبد القادر قويدر العربيلي القراءات العشر الكبرى من الطيبة، حيث بدأ القراءة عليه في 15 شوال 1361هـ، وأتمَّ الختم في أربعة شهور بتاريخ 4ذي الحجة 1361هـ.
وقرأ في مكة المكرمة بعد الحج على شيخ قرَّاء الحجاز المقرئ أحمد بن حامد التيجي المكي القراءات الأربع عشرة بمضمن الشاطبية والدرَّة والطيبة والفوائد المعتبرة.
استأذن والده فرحل إلى مصر ، وتلقَّى القراءات الأربع عشرة من طريق الشاطبية والدرة والطيبة والفوائد المعتبرة. كما تلقَّى المقدمة الجزرية، وعقيلة أتراب القصائد في الرسم ، وناظمة الزهر في علم الفواصل، وكلتاهما للشاطبي على شيخ المقارئ المصرية العلامة علي بن محمد الضَّبَّاع.
وقد أجازه علماء القراءات المذكورين كلهم. والشيخ عبد العزيز من أصحاب الأسانيد العالية في علم القراءات سواء في العشر الكبرى من الطيبة أو العشر الصغرى ، وذلك بتلقِّيه عن الشيخ الضباع العشر الكبرى، وبتلقِّيه العشر الصغرى عن الشيخ محمد سليم الحلواني، وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ستة وعشرون رجلاً، كلٌّ منهم مشهور بشيخ قرَّاء زمانه، وكلٌّ مشهود له بالتحقيق والتدقيق. وهذا إسناد ليس في زمنه أعلى منه، ولا أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
العلوم التي برز فيها
وإلى جانب علمه في القراءات كان رحمه الله تعالى عالماً في التفسير يحقِّق فيه، وله باع في علم مصطلح الحديث، وقواعد الجرح والتعديل، حفظ الكتب الستة في الحديث والمسلسلات، وأجازه شيخه في الحديث وتلميذه في القراءات المحدث الشيخ نعيم بن أحمد النعيمي الجزائري(1327=1393)، وعنده إجازات أخرى في روايات الحديث.
تلقَّى الفقه الحنفي عن والده ، وعمه الشيخ عبد الغفار، وعن شيخه عبد القادر الخوجه، وهم فقهاء بالتلقِّي بالسند المتصل بأبي حنيفة رضي الله عنه، وكان مُتمكِّناً يُرجع إليه في معضلات الفقه حتى غدا المرجع الأعلى في حمص بالفقه.
وكان واسع الاطلاع في علوم العربية، ومحفوظاته كثيرة تبلغ نحواً من ثلاثة عشر ألف بيت من الشعر في العلم المختلفة.
تلاميذه
افتتح دار الإقراء بحمص، وأخذ عنه الكثيرون علم التجويد ومخارج الحروف والقراءات والرسم والآي، وأجاز بالقراءات السبع عن طريق الشاطبية، والقراءات الثلاث فوق السبع من طريق الدرة فضيلة الشيخعبد الغفار الدروبي، وتلقى عنه فضيلة الشيخ سعيد العبد الله؛ شيخ قرَّاءحماة، وأجاز المحدث النعيمي الجزائري الذي وفد خصيصًا من الجزائر للقراءة عليه، وتلقى عنه القراءات الأربع عشرة بمضمن الشاطبية والدرة والطيبة والفوائد المعتبرة، وقرأ عليه الشيخ محي الدين الكردي من دمشق ختمة كاملة لورش من طريق الأصبهاني من طريق الطيبة، وأجازه، وقرأ عليه آخرون وأجازهم، ومنهم الشيخ تميم الزُّعبي الحمصي، شيخ قراء المدينة المنورة ، والشيخ الدكتور محمد أيمن سويد الدمشقي.
آثاره العلمية
من آثاره العلمية التي تركها:" الكوائن من الأمور والحوادث الغيبيَّة بين يدي الساعة" ،وهو من أَجَلِّ الآثار التي تركها، وقد أمضى دهراً طويلاً في تصنيفه واختيار آثاره من أمهات الكتب ، ويعدُّ من أهم الكتب التي تحدَّثت عن أشراط الساعة.
ـ والجداول في القراءات.
ـ ومنظومة: القول الأصدق في ما خالف فيه الأصبهاني الأزرق.
ـ ومنظومة: تلخيص صريح النص في الكلمات المختلفة فيها عن حفص، وقد شرحها ابنه عبد الرحمن بمنظومة أسماها:" توضيح تلخيص صريح النص في كل خُلف قد أتى عن حفص".
ـ النفس المطمئنة في كيفية إخفاء الميم الساكنة بغنَّة.
ـ المكاييل والأوزان الشرعيَّة ومعادلتها بالغرام.
ـ فقه الحج على مذهب الإمام أبي حنيفة .
ـ مجموعة من الأدعية والأذكار.
ورسائل أخرى كثيرة بالغة النفع، ومجلدات فتاويه.
أخلاقه
جمع مع العلم التواضع للعلماء والمتعلمين؛ لكنه كان مع التواضع وقورًا مهيبًا، محبوبًا بين الناس، حسن العشرة والصحبة، يهتم بمرافقيه وطلابه، ويعتني بهم ، بارًا بوالديه وأعمامه، حريصًا على خدمتهم في حياتهم؛ و يكثر من زيارتهم بعد موتهم، ويذكرهم بالاحترام، بارًا بشيوخه وعلماء عصره؛ يحرص على رضاهم ويتردد إليهم.
كان قليل المزاح، كثير الذكر والتلاوة والصلاة، يحافظ على الصلوات لأوقاتها مع الجماعة، ، يديم التهجد، و يحرص على تطبيق السُّنَّة في أعماله وعباداته.
أما كرمه فقد كان فيه قليل النظير؛ فقد كان مُحبًّا للضيوف، ويكرمهم ويتولى شؤونهم، وبنى لهم غرفًا متصلة بمنزله ليؤمن لهم راحتهم، وقد ينزل به الضيف ومعه زوجته وأولاده، فجعل لهم غُرفًا غير الأماكن التي ينزل بها الرجال وحدهم، ولا يزهد بأيِّ ضيف منهم حتى لو كان صغيرًا، وقد ينزل عليه من لا يعرفه فيُحسن ضيافته واستقباله.
ولم تكن أحواله الماديَّة في سَعَة، ولهذا فقد اضطر أحيانًا لبيع بعض ما يملك، ومنها كتبه؛ للقيام بحق الضيافة، فقد باع مكتبته الثمينة النادرة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، وقد حضر الدكتور الفاضل زاهر عواض الألمعي عميد شؤون المكتبات من الرياض لشرائها، ثم عوَّض بعض الكتب التي باعها حين تيَّسر له المال.
وفاته
وفي ليلة وفاته صلَّى ونام ، ثم أحس بالتعب ؛ لكنه قام للتهجد كعادته، فتوضَّأ للصلاة، وما إن بدأها حتى توفي في سجوده، وكان ذلك في السَّاعة الرابعة قبل الفجر؛ 13 صفر 1399هـ/13 كانون الثاني 1979م، ودُفن بزاوية من طرف مسجده الذي بناه قرب منزله بحمص، رحمه الله تعالى وأكرم مثواه
المصدر
- رابطة علماء سورية عن تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري.
.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..