لا أعتقد أنه يوجد شعب آخر غير الشعب العربي لديه نفس القدرات على العبث بالوقت و الصحة و المال و تضييعها على المتع التافهة.
هي فقط ممارسات لا تضيف شيئاً مفيداً للعقل و لا للمهارات و لا لصحة النفس و البدن.
السهر الطويل لربات البيوت حتى ساعات الفجر، ثم الاستيقاظ مع صلاة الظهر ، هذه واحدة من أهم الممارسات الشائعة للعبث بالوقت و الصحة و المال.
من بين كل عشر مراجعات للعيادات الطبية تشتكي سبع أو ثماني سيدات من عسر الهضم و حرقة المعدة و انتفاخ البطن و الإجهاد السريع و ضيق التنفس.
عندما تسأل إحداهن عن برنامج حياتها اليومي تكتشف أنها تسهر حتى ساعات الفجر على الجوال او أمام التلفزيون، ثم تنام حتى الظهر، لتستيقظ بمزاج البائس التعيس الذي لم يرَ نور الصباح و لم يستنشق هواءاً نقياً منذ أعوام طويلة.
بالفحص الطبي يتضح عند هذا النوع من ربات البيوت مجموعة من الأمراض الناتجة عن العبث بالوقت و الحياة:
➖ عضلة المريء ترتخي مما يسبب الارتجاع الحمضي.
➖ الأمعاء تصبح طبلاً مليئاً بالغازات المتخمّرة من وجبة العشاء المتأخرة.
➖ الكبد غارقة في الدهون.
➖ فقر دم رغم السمنة الظاهرة.
➖ عضلات الأطراف ضامرة رغم ضخامة الجذع و البطن.
➖ طاقة التنفس هزيلة و العظام هشة بسبب نقص فيتامين د و عنصر الكالسيوم، لانقطاع التعرُّض لأشعة شمس الصباح.
*ما هي إلا سنوات قليلة ثم يداهم مثل هذه السيدة مرض السكري و الكوليسترول و حصوات المرارة و ارتفاع ضغط الدم، ثم تتحوّل إلى عالة على منزلها و مصدر نزيف مالي مستمر على الأدوية و الاستشارات الطبية.
*على النقيض من هذه الكتلة العليلة من الشحوم تكون العاملة الآسيوية التي لا يزيد وزنها على خمسين كيلوغراماً ، قادرة على العمل لمدة اثنتي عشرة ساعة متواصلة دون آلام عضلية و لا لهاث في التنفس و لا انتفاخ في الأمعاء، تضع رأسها على المخدة قبل منتصف الليل فتستمتع بنوم عميق مريح ثم تصحو في السادسة صباحاً مع الطيور.
*تنازلت ربة البيت عن استثمار وقتها فيما يفيد، و أهملت الشروط الضرورية لاكتمال الصحة و تعللت بخدعة نقص فيتامين د المزعوم بل و دفعت المال للعاملة لتنوب عنها في إدارة المنزل*.
ضحّت بكل ذلك مقابل السهر ساعات إضافية على مسلسلات و برامج تافهة في الفضائيات.
هذا النموذج من ربات المنازل لا يتواجد فقط في الطبقات الغنية المرفّهة ، بل تجده في أغلب البيوت حتى في أبعد قرية عن العمران.
*الشبان و الشابات من طلبة المدارس و الجامعات* مصابون أيضاً بداء السهر و بنفس العلل الصحية المترتبة عليه، لأنهم يسهرون حتى بعد منتصف الليل على أجهزة الدردشة و برامج التلفزيون.
*الرجال في مثل هذه البيوت* لديهم نفس الإعتلالات و الأمراض؛ لأنهم يدمنون السهر في المقاهي و ملاحق المنازل، و يتناولون وجبات عشاء دسمة بعد منتصف الليل من أقرب مطعم فيصبح الحال من بعضه.
قبل عدة سنوات كان الناس عندنا ينامون بعد صلاة العشاء بساعتين على الأكثر ، و ينهضون مع بواكير الفجر الأولى مكتملي الحيوية و النشاط ، و مع طلوع الشمس ينصرف كل طرف إلى مهماته اليومية.
آنذاك كانت معدّلات الإصابة بالسكري و ضيق الشرايين و تصلُّب المفاصل و الاعتلالات الهضمية تكاد تكون صفراً.
مجتمعنا الحالي مصاب بكل أمراض التسيّب و التساهل مع الوقت و شروط الحياة الطبيعية.
نحن في أمسّ الحاجة إلى إعادة تأهيل و برامج توعية، تعيدنا إلى الإلتزام بقواعد التعامل مع الزمن و شروط الجودة النوعية للحياة .
لولا الخشية من فساد الأطعمة في ثلاجات و مخازن التبريد، لاقترحت قطع الكهرباء عن المنازل و الاستراحات قبل منتصف الليل ، باستثناء يومي نهاية الأسبوع.
..
▫ مقال لن يتكرر أرجو أن يكون بداية انطلاقة لكل من تهمه حياته و صحته.
الأخطار تهدد أغلب الدول العربية من كل اتجاه لو سمحت اقرأ المقالة ثم ارسلها الى احبابك و اصحابك إن كنت تحبهم حقيقة.
مقال ..للدكتور جاسر الحربش
طبيب استشاري
تخرج من ألمانيا. 18/1/2000
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..