، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة على الصَّحيحِ، وقَولٌ للحنابلةِ، وبه قالت طائفةٌ مِن السَّلَف
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن سعيدِ بنِ الحارثِ عن جابرِ بنِ عبدِالله رَضِيَ الله عنهما أنَّه سألَه، عن الوُضوءِ ممَّا مسَّتِ النَّارِ، فقال: ((لا؛ قد كنَّا زمانَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا نجِدُ مثلَ ذلك مِن الطَّعامِ إلَّا قليلًا، فإذا نحن وَجَدْناه لم يكُن لنا مناديلُ إلَّا أكفُّنا وسواعِدُنا وأقدامُنا، ثم نصلِّي، ولا نتوضَّأُ ))
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان آخِرُ الأمرينِ مِن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرْكَ الوضوءِ ممَّا غيَّرَت النَّار))، وفي رواية: ((ترْك الوضوءِ ممَّا مسَّتِ النَّار ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ قوله: (ممَّا غيَّرت) عامٌّ يشمَلُ الإبِلَ وغَيرَها، وإذا كان هذا آخِرَ الأمرينِ، فالواجِبُ أن نأخُذ بالآخِرِ من الشَّريعةِ؛ لأنَّ الآخِرَ يكونُ ناسخًا للأوَّلِ
القول الثاني: أنَّ الأكلَ منِ لحمِ الجَزورِ يَنقُضُ الوضوءَ، وهو مذهبُ الحنابلة، وبه قالت طائفةٌ من السَّلفِ، واختاره ابن المُنذِر، وابنُ حزم، والنوويُّ، وابن باز، وابنُ عُثيمين
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن جابرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رجلًا سأل رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أأتوضَّأُ مِن لُحومِ الغنَم؟ قال: إنْ شئتَ فتوضَّأ، وإن شئتَ فلا توضَّأ. قال: أتوضَّأُ مِن لُحومِ الإبِلِ؟ قال: نعَم، فتوضَّأْ من لحومِ الإبِلِ. قال: أُصلِّي في مرابِضِ الغنَم؟ قال: نعَم. قال: أصلِّي في مبارِكِ الإبلِ؟ قال: لا ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرَّ الصحابيَّ على الوضوءِ مِن لَحمِ الإبِلِ، بينما علَّقَ الوضوءَ بالمشيئةِ في لحَم الغَنَمِ، فدلَّ هذا على أنَّ لحمَ الإبِلِ لا مشيئةَ فيه ولا اختيارَ، وأنَّ الوضوءَ منه واجِبٌ
2- عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سُئِلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الوضوءِ مِن لُحومِ الإبِلِ، فقال: توضَّؤوا منها ))
وجه الدَّلالة:
أنَّه أمَر بالوضوءِ مِن لَحمِ الإبِلِ، والأصلُ في الأمرِ الوُجوبُ
المصدر
انظر أيضا:
-
المطلب الثَّاني: أجزاءُ الإبل من غير اللَّحم
اختلَفَ أهلُ العِلم في أجزاءِ الإبِلِ مِن غَيرِ اللَّحم، كالشَّحمِ والكَبِدِ والطِّحالِ؛ هل تنقُضُ الوضوءَ أم لا؟ على قولين:
القول الأوّل: أكلُ أجزاءِ الإبِلِ مِن غَيرِ اللَّحم، كالشَّحمِ والكَبِدِ والطِّحال، لا ينقُضُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، واختارَه ابنُ حَزمٍ، وابنُ بازالقول الأوّل: أكلُ أجزاءِ الإبِلِ مِن غَيرِ اللَّحم، كالشَّحمِ والكَبِدِ والطِّحال، لا ينقُضُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ النصَّ جاء في نَقضِ الوُضوءِ مِن لحمِ الإبِلِ، وهذه الأشياءُ لا تدخُلُ تحت اسمِ اللَّحمِ، بدليل أنَّك لو أمَرْتَ أحدًا أن يشتري لك لحمًا، واشترى كَرِشًا؛ لأنكرتَ عليه
ثانيًا: أنَّ الأصلَ بقاءُ الطَّهارة، ودخولُ غيرِ اللَّحمِ دُخولٌ احتماليٌّ، واليقينُ لا يزولُ بالاحتمالِ
ثالثًا: أنَّ النقضَ بلحم ِالإبلِ أمرٌ تعبديٌّ لا تُعرَفُ حِكمَتُه، وإذا كان كذلك، فإنَّه لا يمكِنُ قياسُ غَيرِ الهَبْرِ على الهَبْرِ؛ لأنَّ مِن شَرطِ القِياسِ أن يكونَ الأصلُ معلَّلًا؛ إذ القياسُ إلحاقُ فرْع ٍبأصلٍ في حُكمٍ لعِلَّة جامعة، والأمورُ التعبديَّة غيرُ معلومةِ العِلَّة
القول الثاني: أكلُ أجزاءِ الإبِلِ مِن غير اللَّحم، كالشَّحم والكَبد والطِّحال ينقُضُ، وهو روايةٌ عن أحمد، واختاره ابنُ عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه من جملةِ الجَزُورِ، وإطلاقُ اللَّحم في الحيوانِ يُرادُ به جملَتُه؛ لأنَّه أكثَرُ ما فيه، ولذلك لَمَّا حرَّم الله تعالى لَحمَ الخِنزيرِ، كان تحريمًا لجُملتِه، فكذلك هاهنا
ثانيًا: أنَّ في الإبِلِ أجزاءً كثيرة قد تُقارِب الهَبْر، ولو كانت غير داخلةٍ لبيَّن ذلك الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِعِلمِه أنَّ الناسَ يأكلون الهَبْر وغيرَه
ثالثًا: أنَّه ليس في شريعةِ محمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حيوانٌ تتبعَّض أجزاؤه حِلًّا وحُرمةً، وطهارةً ونجاسةً، وسلبًا وإيجابًا، وإذا كان كذلك، فلتكنْ أجزاءُ الإبِلِ كلُّها واحدةً
المطلب الثالث: لبَن الإبل، ومرَق لحمِها
لا يَنتقِضُ الوضوءُ بشُربِ لَبَن الإبِلِ ومرَقِ لَحمِها، وهو باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة, وبه قال أكثَرُ العُلَماءِالأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال:
(قدِم أُناسٌ من عُكل أو عُرَينة، فاجْتَوُوا المدينةَ، فأمرَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بلِقاحٍ، وأن يَشرَبوا مِن أبوالِها وألبانِها، فانطَلَقوا... )
وجه الدَّلالة:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَهم أن يَلحَقوا بإبلِ الصَّدقةِ، ويَشربوا من أبوالِها وألبانِها، ولم يأمرْهم أن يتوضَّؤوا؛ من ألبانِها، مع أنَّ الحاجةَ داعيةٌ إلى ذلك، فدلَّ ذلك على أنَّها لا تنقُضُ الوضوءَ
ثانيًا: أنَّ الأخبارَ إنَّما وردت في الوضوءِ مِن اللَّحم، والحُكمُ فيه غيرُ مَعقولِ المعنى، فيُقتصَرُ على ما ورد النصُّ فيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..