كما سجلت – هذه الدولة - المانجو السكري المصري لحسابها لدى “الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة UPOV” ويقال أن شركة إسرائيلية – أخرى - قد هجنت صنف الأغنام العواسي (النعيمي) وأطلقت عليه اسم جديد تحت ملكيتها الفكرية.
كيف تم كل هذا؟ لأن كل من “المغرب” و”مصر” و”سوريا” أخذوا السلامة عادة ولم يسجلوا تلك النباتات والحيوانات الأصيلة كملكية فكرية لهم.
وفي سياق آخر، وفي ليلة ظلماء، حاولت شركة أمريكية التملك الفكري لصنف “الأرز البسمتي” ليكون ملكية فكرية لها، فتنبهت “الهند” ورفعت دعوى قانونية، فمنعت تسجيل هذا المحصول لصالح هذه الشركة.
كما أن شركة أجنبية – أخرى – ادعت أنها تعرفت على خاصية معينة في “شجرة النيم” الشهيرة في “الهند” فحاولت تسجيل هذه الشجرة كملكية فكرية لها، ولا أعلم هل نجحت في مسعاها هذا أم لا؟ وبالرغم أن “الصين” تعتبر أكبر دولة في العالم تمتلك حقوق ملكية فكرية لكن ذلك داخل حدودها، إلا أن دول غربية كـ “الولايات المتحدة الأمريكية” و”هولندا” و”فرنسا” و”المملكة المتحدة” وكذلك “إسرائيل” كل منها تمتلك آلاف حقوق ملكية فكرية، جزء كبير منها خارج حدودها.
ما أود التركيز عليه في هذا المقال هو مسألة تسجيل الملكية الفكرية
لجميع النباتات والأشجار المستولدة في “المملكة العربية السعودية” فعندما
تكون الملكية الفكرية للموارد النباتية والحيوانية لبلد ما مسجلة لصالح دول
أخرى، فإن هذا يشكل تهديدًا صارخًا للسيادة الوطنية للدولة وأمنها
الغذائي.
لذا أدعو الجهات المختصة في “المملكة” السعي حثيثًا لاستكمال
تسجيل جميع النباتات والحيوانات المستوطنة في الأراضي السعودية منذ آلاف
السنين، لاسيما أشجار النخيل، والأشجار والنباتات البرية، والجمال، والحصان
العربي، والأغنام النجدية، والحيوانات الفطرية الأخرى، وماقي حكمها،
كملكية فكرية سعودية، اعتمادًا على “اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع
البيولوجي لعام 1993” و”الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية
الجديدة” لعام 1961م، والمعدلة بموجب الوثيقة الإضافية لعام 1972م،
والوثيقة الإضافية لعام 1978م، وذلك قبل أن تستقوي الشركات والجهات
الأجنبية علينا بـ “اتفاقية منظمة التجارة العالمية”.
هذا وأنبه إلى ضرورة
توخي أقصى درجات الحيطة والحذر عند توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم
والتعاون المشترك في مجال البيئة، والزراعة، التي تبرمها الجهات الحكومية،
والجامعات، والجمعيات التعاونية والأهلية والعلمية، ومؤسسات وشركات القطاع
الخاص مع أي جهة أجنبية كانت، وإخضاع مشاريع تلك الوثائق إلى الفحص
القانوني المتعمق، والمتخصص في مجال قوانين الملكية الفكرية، وتنقيتها من
جميع الصياغات الفضفاضة، والعبارات المُلْتَبِسَة، التي قد تشكل خُسُوفًا
غائرة يصعب الخروج منها مستقبلًا.
وأن يُشْتَرَط في كل اتفاقية أو مذكرة
تعاون أو تفاهم، خضوعها لنظام الملكية الفكرية السعودي، واعتبار كل ما
يتناقض معه أو مع أي نظام مطبق في “المملكة” وبالذات “المادة الرابعة عشرة”
من “النظام الأساسي للحكم” باطلًا.
وعرض كل مشروع اتفاقية أو مذكرة تفاهم
تتضمن أي منها جوانب بحثية على “الهيئة السعودية للملكية الفكرية”.
غني عن القول إننا أمام استحقاقات قانونية دولية، تمت صياغتها بعناية
تامة، وبمهنية عالية، قد - أقول قد - تُمَهِّد الطريق أمام الاختراق
البيولوجي، لا سيما أن اتفاقية حقوق الملكية الفكرية الملحقة بـ “اتفاقية
التجارة العالمية” قد تم تفصيلها على مقاس أكتاف وأرداف الشركات الكبرى،
التي تمتلك الموارد المالية الهائلة، والتكنولوجيا العلمية المتقدمة،
والقدرات البحثية الكبيرة.
لذا أتمنى من “الهيئة السعودية للملكية الفكرية”
إضافة مجال التسجيل الحيوي (الجيني) إلى اهتماماتها الأخرى (تسجيل براءات
الاختراع، والنماذج الصناعية، والعلامات التجارية، وحقوق المؤلفين) وأن يرى
“نظام المؤشرات الجغرافية” النور سريعًا – إن لم يكن قد وُلِد - وهو
“النظام” الذي تعكف “الهيئة” على تطويره، ومن المعلوم أن “المؤشرات
الجغرافية” تُعَد أحد مجالات “الملكية الفكرية” وتوضع على المنتجات
والمحاصيل التي لها منشأ جغرافي محدد، وصفات أو سمعة تنسب إلى مُنْشِئِها.
كُلَّ ما أود قوله أن ننتبه جيدًا حتى لا نؤكل على حين غِرَّة.
شهد العالم منذ فجر التاريخ سبعة أجيال من الحروب، لا يتسع المجال
لاستعراضها، وها نحن أمام الجيل الثامن من الحروب، إنه جيل الحروب الخضراء
Green War، التي تخوض غمارها الشركات العابرة للقارات، والتي تتخذ من
النباتات والأشجار والحيوانات والأحياء الفطرية مسرحًا واسعًا لها.
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..