الأربعاء، 8 أكتوبر 2025

💢المسؤولية التقصيرية لأفعال القصر: من الحكم الفرنسي إلى التطبيق الشرعي والقانوني!!

       أعجبني هذا الحكم الفرنسي الصادر في 28 يونيو 2024 بمضمونه وروحه، فقد أعاد صياغة مفهوم مسؤولية الوالدين عن أفعال أبنائهم القصر، مؤكدًا أن السلطة الأبوية وحدها تكفي لتحميل الأب والأم المسؤولية المدنية عن أفعال الطفل، حتى وإن لم يكن مقيمًا معهم.
وكان القانون الفرنسي سابقًا يشترط الإقامة المشتركة، أما الآن فقد أصبح معيار المسؤولية مرتبطًا بالسلطة الأبوية نفسها، ليبقى الوالدان مسؤولين أينما كان الأبناء، مؤكدًا أن الرقابة والواجب لا يلغيان ببعد المكان بنص مفهوم وواضح .

في الشريعة الإسلامية، قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ .
وحديث الرسول ﷺ قال:
«كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»
نجد أن هذا المفهوم أصيل وشرعي؛ 
فالوالدان مسؤولان شرعياً عن رقابة الأبناء وحفظهم، وأي تقصير في الإشراف يجعلهم مسؤولين عن أضرارهم، فالواجب الديني والإنساني يلتقي مع الواجب القانوني في حماية الحقوق.

وفي النظام السعودي، نصت المادة (129) من نظام المعاملات المدنية فقرة (1)على: من وجبـت عليـه نظامًـا أو اتفاقًـا أو قضاءً رقابة شـخص لصغر سـنِّه أو قصور حالتـه العقلية أو الجسـمية؛ كان مسـؤولا ً عـن الـضرر الـذي أحدثه ذلك الشـخص، إلا إذا أثبت متـولي الرقابة أنه قد قـام بواجـب الرقابـة بـما ينبغـي مـن العنايـة أو أن الـضرر كان لابـد مـن حدوثـه ولـو قام بهـذا الواجب بـما ينبغي مـن العناية.
وتتحقق المسؤولية بتوافر الخطأ، والضرر، والعلاقة السببية، فتقع على العمل ذاته، لا على من أدّاه، لتكون قاعدة دقيقة لتطبيق المسؤولية على الوالدين عند تقصيرهم في الرقابة.

وفي القانون المدني المصري، تؤكد المادة (173):"كل من يجب عليه قانونًا أو اتفاقًا رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة، يكون ملزمًا بتعويض الضرر الذي يحدثه ذلك الشخص للغير بعمله غير المشروع، ما لم يثبت أنه قام بواجبه في الرقابة."وتكملها المادة (174) عن مسؤولية المتبوع عن التابع، لتكون شبكة قانونية متينة تضمن تحميل الوالدين مسؤولية أفعال القصر عند تقصيرهم.

من هذا كله، نرى أن الأنظمة تتقاطع على مبدأ واحد: الرقابة والسلطة الأبوية أساس المسؤولية، بينما تختلف الصيغ والتفاصيل.
الفرنسي صار واضحًا في ربط المسؤولية بالسلطة الأبوية بغض النظر عن الإقامة.
السعودي والمصري حددها بالرقابة الواجبة.
والشريعة سبقت الجميع بجعل الرعاية واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا ومسؤولية يحاسب عليها .

نحو تشريعات عربية أقوى؟

إن التنوع القانوني يشير إلى ضرورة تطوير أنظمتنا العربية لتكون صريحة، شفافة، دقيقة، لا قابلة للتأويل أو التفسير أو الالتفاف، بلغة يفهمها الكبير والصغير، الذكي والضعيف فصيحة بليغة .
عندها يصبح التشريع منارة للعدالة، ومرشدًا للوالدين والقضاة، وسندًا للمجتمع، يحفظ الحقوق ويوازن الواجبات، ويجعل المسؤولية واضحة، العدالة ملموسة، والحقوق مصانة بلا غموض.

💢 كتبه / مازن المليح.

⚖️حكم محكمة النقض الفرنسية:

يوم الثلاثاء بتاريخ 1447/04/15هـالموافق 2025/10/07م .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..