نظراً لما يُلاحظ في واقع الجمعيات الخيرية، والصناديق الأسرية، والمؤسسات الأهلية، وحتى الشركات التجارية، من كثرة الخلافات والتعطيلات الداخلية التي تنشأ لا عن سوء نية، بل عن جهلٍ بالنظام، وضعفٍ في الوعي بالصلاحيات والمسؤوليات القانونية، فقد بات من الضروري اعتماد آلية إلزامية للتأهيل النظامي والمعرفي لكل من يتقدّم لتأسيس كيانٍ أو لعضوية مجلسٍ فيه، قبل القبول أو اعتماد التأسيس رسميًا.
📍 المشكلة القائمة!!
كثير من المؤسسين في الجمعيات أو الصناديق أو الشركات، يدخلون المجال بحسن نية، لكن دون معرفة كافية بالأنظمة التي تنظّم صلاحياتهم وحدود أدوارهم.
فترى العضو في الجمعية يُصر على رأيه في قضية تخالف النظام، فقط لإثبات وجوده أو شعوره بالإنجاز، وهو في الأصل لا يدرك أن ما يطرحه مخالف صريح للائحة أو لنظام الجمعيات الأهلية.
وكذلك في الشركات: يأتي شريك يطالب بأمور لا تدخل في نطاق صلاحيته، فيعطّل القرار ويجمّد سير العمل، لأنه ببساطة لا يعرف الفرق بين مهام الإدارة التنفيذية ومهام الجمعية العمومية أو الشركاء.
أما في المؤسسات الفردية فالوضع لا يقل سوءاً؛ إذ تُفتح السجلات وتُدار الأنشطة دون وعي بنظام السجلات التجارية أو المسؤوليات النظامية المترتبة.
🎯 الهدف من المقترح!!
أن يكون الوعي بالنظام شرطاً لا ترفاً، وأن يُصبح التأهيل المعرفي جزءاً أصيلاً من إجراءات التأسيس.
فكما لا يُرخَّص لمهندس إلا بعد تأهيله، ولا لطبيب إلا بعد تدريبه، فكذلك لا ينبغي أن يُرخَّص لمؤسسٍ أو عضوٍ إلا بعد أن يعرف النظام الذي سيحكمه ويُنظّم مساره.
⚙️ فكرة المقترح وآليته!!
يقوم المقترح على اشتراط دورة تدريبية إلكترونية إلزامية لكل مؤسس أو عضو مؤسس أو شريك، تتضمن أساسيات النظام الذي يعمل فيه، مثل:
• مبادئ نظام الشركات ونظام الجمعيات الأهلية.
• الصلاحيات القانونية للأعضاء ومجالس الإدارة.
• متطلبات الحوكمة، والإفصاح، والشفافية، والقوائم المالية.
• العلاقة بين الجمعية العمومية، والمجلس، والإدارة التنفيذية.
• كيفية إدارة الخلافات واتخاذ القرارات وفق النظام لا الأهواء.
ويُشترط اجتياز الدورة قبل قبول عقد التأسيس أو فتح السجل أو تسجيل العضوية في الجمعية أو الصندوق، على أن تُمنح شهادة إلكترونية موحدة يمكن التحقق منها.
⚖️ إضافة تنظيمية لتعزيز فاعلية المقترح!!
إلى جانب التأهيل المعرفي للمؤسسين، يقترح إدراج إلزامٍ إضافي بوجود مستشار قانوني مرخّص من أحد مكاتب المحاماة المسجلة رسميًا لكل كيان جديد سواء شركة أو جمعية أو صندوق يكون دوره الإشرافي والاستشاري مستمرًّا خلال مراحل التأسيس والتشغيل الأولى، ولمدة لا تقل عن سنة من بدء النشاط.
ويُسند إليه:
• مراجعة القرارات والعقود والتعاميم الداخلية قبل اعتمادها.
• ضمان توافق الإجراءات مع الأنظمة المعمول بها في وزارة التجارة أو الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
• توجيه مجلس الإدارة والأعضاء المؤسسين في فهم الصلاحيات النظامية وآلية اتخاذ القرار.
• رفع تقارير استشارية دورية توثّق مدى التزام الكيان بالنظام وتوصي بالتصحيح عند الحاجة.
إن هذا الإجراء يُعدّ صمّام أمانٍ قانوني، ويُسهم في حماية الكيان من الأخطاء النظامية المبكرة، كما يُنمي ثقافة الرجوع إلى المتخصصين في القانون قبل اتخاذ القرار، وهو ما ينعكس مباشرة على جودة العمل واستدامة المؤسسات.
🔍 الأثر المتوقع!!
1. خفض الخلافات الداخلية في الجمعيات والمؤسسات بنسبة كبيرة.
2. رفع مستوى الحوكمة والالتزام بالنظام في جميع الكيانات.
3. حماية الكفاءات التنفيذية من الإقصاء غير النظامي، ومن سوء فهم الصلاحيات.
4. تحسين كفاءة الاجتماعات والمخرجات داخل الجمعيات والمؤسسات.
5. تعزيز الثقة المجتمعية والرسمية بالقطاع الأهلي والتجاري.
6. تحقيق انضباط قانوني مبكر عبر وجود مستشارين متخصصين، يُسهمون في منع الأخطاء قبل وقوعها لا بعد نشوئها.
💡 الرؤية البعيدة!!
إن تطبيق هذا المقترح، ولو تدريجياً، سيُحدث نقلة نوعية في وعي المؤسسين، وسيجعل من كل جمعية أو صندوق أو شركة كياناً مؤهلاً فكرياً وقانونياً قبل أن يكون نظامياً فقط.
فالمعرفة هي صمام الأمان ضد الفوضى، والوعي بالنظام هو أول درجات النجاح المؤسسي.
ولعل هذا المقترح يكون نواةً لمشروعٍ وطنيٍّ أكبر، يُعنى ببناء جيلٍ من المؤسسين والمبادرين الواعين بأنظمتهم، المحاطين بخبرات قانونية مؤهلة، قبل خوض غمار الممارسة.
✍️/مازن المليح.
📍قناة أثر وتأثير .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..