الدية(1) غرامة مالية شرِّعت كجزاء على ارتكاب الجناية.
و هى مشروعة بالكتاب و السنّة القطعية.
و تنقسم الى المقدَّرة شرعاً و غيرها.
و هى ثابتة فى موارد خاصة.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ تحديد الدية ما تقدم، فهو من واضحات اللغة و الفقه.
و أما أنّها مشروعة، فهو من ضروريات الاسلام. و يدل عليه قوله تعالي: «و من قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ و دية مسلّمة الى أهله»،(2) و الروايات الكثيرة التى تأتى الاشارة الى بعضها.
2ـ و أما انقسامها الى المقدَّرة شرعاً و غيرها، فباعتبار أنّ الجناية تارة يكون لها تقدير شرعى و اُخرى لايكون لها ذلك. و يصطلح على الأول بالدية و على الثاني بالأرش أو الحكومة.
و يتمّ تعيين الأرش وفق طريقة يأتى بيانها فى ما بعد إن شاء الله تعالي.
و الدية بكلا قسميها تؤخذ من الجانى إن كانت الجناية عمدية أو شبه ذلك، و من العاقلة إن لم تكن كذلك.
3ـ و أما موارد ثبوتها، فهي:
أ ـ الخطأ المحض و الشبيه بالعمد. و ثبوت الدية فيهما دون القود أمر متسالم عليه بيننا. و يدل عليه قوله تعالي: «و من قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ و دية مسلّمة الى أهله»(1)، فإنّه بإطلاقه يشمل الخطأ بكلا قسميه. و يمكن استفادة ذلك من الروايات أيضاً ـ و لكن الطابع العام عليها ضعف السند ـ كرواية الفضل بن عبدالملك عن أبيعبدالله عليهالسلام : «سألته عن الخطأ الذى فيه الدية و الكفارة، هو الرجل يضرب الرجل و لايتعمد؟ قال: نعم...»(2) و غيرها.
هذا وقد تقدمت فيبداية البحث عنالقصاص الإشارة الى خلاف مالك فلاحظ.
ب ـ الموارد التى لايثبت فيها القصاص بالرغم من كون القتل عمداً، كقتل الأب ولده أو المسلم الذمي. و قد تقدمت الإشارة الى وجه ثبوت الدية فى مثل ذلك في بداية البحث عن القصاص.
ج ـ الموارد التى لايمكن فيها القصاص، كبعض الجروح التى لايمكن ضبطها. و قد تقدّمت الإشارة الى ذلك فى نهاية البحث عن القصاص.
د ـ موارد القصاص فيما اذا تراضى الطرفان على الدية. و قدتقدّمت الإشارة الي ذلك فى مبحث القصاص تحت عنوان «من أحكام قصاص النفس».
* مائة من الإبل الفحولة المسنّة.(2)
* أو مائتا بقرة.
* أو ألف دينار ذهب.(3)
* أو عشرة آلاف درهم فضة.(4)
* أو ألف شاة.
* أو مائتا حلّة(5)، و كل حلّة ثوبان: ازار و رداء.
و استيفاؤها يكون ضمن فترة سنة.
و يجوز الاستيفاء بالأوراق النقدية المتداولة فى زماننا مع تعذر الستة أو تراضي الطرفين على ذلك.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ دية القتل عمداً ما تقدم، فممّا لا خلاف فيه. و تدل عليه صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج: «سمعت ابن أبى ليلى يقول: كانت الدية فى الجاهلية مائة من الإبل فأقرّها رسول الله صلياللهعليهوآلهوسلم ، ثم إنّه فرض على أهل البقر مائتى بقرة، و فرض على أهل الشاة ثنية(1)، و على أهل الذهب ألف دينار، و على أهل الورق عشرة آلاف درهم، و على أهل اليمن الحلل مائتى حلّة. قال عبدالرحمن بن الحجاج: فسألت أباعبداللّه عليهالسلام عما روى ابن أبى ليلي، فقال: كان على عليهالسلام يقول: الدية ألف دينار ـ و قيمة الدينار عشرة دراهم ـ و عشرة آلاف لأهل الأمصار، و على أهل البوادى مائة من الإبل و لأهل السواد مائتا(2) بقرة أو ألف شاة»(3) و غيرها.
و موضع الاستشهاد نقل ابن الحجاج عن الإمام عليهالسلام و إلاّ فما نقله ـ فى صدر الصحيحة ـ عن ابن أبى ليلى ليس حجة كما هو واضح.
و منه يتضح أن مستند عدِّ مائتى حُلّة من جملة أفراد الدية ينحصر بالتسالم الفقهى على ذلك و إلاّ فكلام ابن أبيليلى ـ الذى ذكر فيه ذلك ـ ليس حجة.
ثم إنّ المذكور فى الصحيحة أنّ على أهل السواد مائتى بقرة و على ... و هذا لا ينبغى أن يفهم منه التعيين، بل هو وارد مورد الارفاق و التسهيل كما هو واضح.
و ينبغى الالتفات الى أنّ المعروف بين الفقهاء بل ادّعى عدم الخلاف فيه أن التخيير بين الأفراد الستة ثابت للجانى دون أولياء المجنى عليه. و هو إن لميستفد
من الصحيحة المتقدمة فيكفى لإثباته كونه مقتضى الأصل.
و ينبغى الالتفات أيضاً الى أنّ المسألة تشتمل على روايات اُخرى قد تدل علي مضامين اُخرى تغاير مضمون الصحيحة المتقدمة من بعض الجهات، و لكن لأجل عدم القائل بذلك و هجران الأصحاب لها تكون ساقطة عن الحجية.
2ـ و أما أنه يعتبر فى الإبل أن تكون فحولة مسنّة، فهو رأى معروف. و تدل عليه صحيحة معاوية بن وهب: «سألت أباعبدالله عليهالسلام عن دية العمد، فقال: مائة من فحولة الإبل المسان...»(1) و غيرها.
3ـ و أما أنّ استيفاء دية العمد يكون ضمن فترة سنة، فممّا لا خلاف فيه، و تدل عليه صحيحة أبيولاّد عن أبيعبداللّه عليهالسلام : «كان على عليهالسلام يقول: تستأدى دية الخطأ فى ثلاث سنين، و تستأدى دية العمد فى سنة».(2)
4ـ و أما جواز الاستيفاء بالأوراق النقدية مع التعذر أو التراضى، فواضح؛ لأنّه مع التعذر حيث لايحتمل سقوط الدية رأساً فيتعين الرجوع الى البدل الأقرب و هو الأوراق النقدية.
وأما أنّه مع التراضى يجوز ذلك، فأوضح؛ لأنّ الحق لا يعدو الطرفين.
ثم إنّه لو فرض وجود بعض الأفراد الستة و عدم التراضى بالأوراق النقدية، فهل يحقّ للجانى الالزام بها؟ المناسب هو العدم؛ لأنّ ظاهر الصحيحة الالزام بالأعيان نفسها فمع التمكن منها لا وجه للالزام بالبدل.
و تستوفى من الجانى خلال سنوات ثلاث.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ دية القتل الشبيه بالعمد هو أحد الأفراد الستة أيضاً، فباعتبار إطلاق صحيحة عبدالرحمن المتقدمة.
2ـ وأما أنّه يعتبر فى الإبل ماذكر من الأوصاف، فهو رأى معروف. و تدل عليه صحيحة عبدالله بن سنان: «سمعت أباعبداللّه عليهالسلام يقول: قال أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر، إنَّ دية ذلك تغلظ و هى مائة من الابل: منها أربعون خلفة من بين ثنية الى بازل عامها، و ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون»(2)
و هى إذا كانت ضعيفة السند ببعض طرقها، ففى بعضها الآخر كفاية فلاحظ.
3ـ و أما أنّها تستوفى من الجانى دون العاقلة، فهو المشهور بين الأصحاب. و
يدل عليه إطلاق الآية الكريمة: «و من قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ و ديةٌ مسلّمةٌ الى أهله»(1)، فإنّها ظاهرة فى أنّ الدية ثابتة على الجاني، و بإطلاقها تشمل كلا قسمى الخطأ، غايته خرج الخطأ المحض ـ الذى تجب فيه الدية على العاقلة ـ بالدليل الخاص.
4ـ و أما أنّها تستوفى فى سنين ثلاث، فلصحيحة أبيولاّد المتقدمة.
هذا، و لكن المشهور أنّها تستوفى فى سنتين لا ثلاث، إلاّ أنّه لا دليل على ذلك سوى الإجماع المدّعى من بعض. و عليه فالمناسب العمل بالصحيحة بناءً على أنّ إعراض المشهور عن روايةٍ لايوجب سقوطها عن الاعتبار.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ دية الخطأ المحض أحد الاُمور الستة السابقة أيضاً، فلنفس ما تقدّم في القتل الشبيه بالعمد.
2ـ و أما أنّه تلزم فى الإبل الاوصاف السابقة، فهو المشهور بين الأصحاب. و تدل عليه صحيحة عبداللّه بن سنان: «سمعت أباعبداللّه عليهالسلام يقول: ... و الخطأ يكون فيه
ثلاثون حقة و ثلاثون ابنة لبون و عشرون بنت مخاض و عشرون ابن لبون ذكر».(1)
3ـ و أما أنّها تستوفى من العاقلة، فأمر لا خلاف فيه. و تدل عليه صحيحة الحلبي: «سألت أباعبداللّه عليهالسلام ... و الاعمى جنايته خطأ تلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين فى كلّ سنة نجماً ...».(2)
و أما أنها تستوفى فى سنوات ثلاث، فللصحيحة المذكورة و صحيحة أبى ولاّد المتقدمة.
و المستند فى ذلك:
إن ما ذكر ممّا لا خلاف فيه و تقتضيه قاعدة «أنّ كلّ ما كان منه فى الجسد واحد ففيه الدية كاملة، و ما كان فيه اثنان ففى كل واحد منهما نصف الدية، و فيهما معاً الدية كاملة» المستفادة من صحيحة عبدالله بن سنان عن أبيعبدالله عليهالسلام : «ما كان فى الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية، مثل اليدين و العينين. قلت: رجل فقئت عينه ، قال: نصف الدية، قلت: فرجل قطعت يده، قال: فيه نصف الدية ...»(3) و غيرها
و من ذلك يتضح الوجه فى حكم البقية.
و المستند فى ذلك:
بعد كونه هو المشهور صحيحة عبدالله بن سنان عن أبيعبدالله عليهالسلام : «أصابع اليدين و الرجلين سواء فى الدية فى كلّ إصبع عشر من الإبل»(1) و غيرها.
و فى مقابل ذلك صحيحة ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «... ففى الإبهام اذا قطع ثلث دية اليد ... و فى الأصابع فى كل إصبع سدس دية اليد ...».(2)
إلاّ أنّ الصحيحة المذكورة، لإعراض المشهور عنها(3)، ساقطة عن الاعتبار بناءً على تمامية كبرى سقوط الرواية عن الحجية باعراض المشهور عنها، و تعود الصحيحة الاُولى بناءً على ذلك سالمة عن المعارض و يتمّ رأى المشهور.
والمستند فى ذلك:
بعد كونه هو المشهور بين الأصحاب موثقة اسحاق بن عمار ـ برواية الشيخ الصدوق ـ عن أبيعبدالله عليهالسلام : «قضى أمير المؤمنين عليهالسلام فى اللطمة يسود أثرها في الوجه أنّ أرشها ستة دنانير، فإن لمتسود و اخضرَّت فإنّ أرشها ثلاثة دنانير، فإن احمارَّت و لمتخضرَّ فإنّ أرشها دينار و نصف. و فى البدن نصف ذلك»(1) و غيرها.
والوارد فى الموثقة و إن كان هو كلمة «اللطمة» الظاهرة فى الضرب باليد إلاّ أنّالمناسب هو التعدّى الى غير الضرب و الى غير ماكان باليد للقطع بعدم الخصوصية لذلك.
والحكم المذكور يعمّ ما إذا زاولت الاُم نفسها عملية الاسقاط ولو بشرب دواء و نحوه.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ دية الحمل ما ذكر، فهو المعروف بين الأصحاب. و تدل عليه صحيحة ظريف عن أميرالمؤمنين عليهالسلام : «جعل دية الجنين مائة دينار، و جعل منى الرجل الى أن يكون جنيناً خمسة أجزاء، فاذا كان جنيناً قبل أن تلجه الروح مائة دينار، و ذلك أنّ الله عزّوجل خلق الانسان من سلالة و هى النطفة فهذا جزء، ثم علقة فهو جزآن، ثمّ مضغة
فهو ثلاثة أجزاء، ثم عظماً فهو أربعة أجزاء، ثمّ يكسا لحماً فحينئدٍ تمَّ جنيناً فكملت لخمسة أجزاء مائة دينار، والمائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائة عشرين ديناراً، و للعلقة خمسى المائة أربعين ديناراً، و للمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين ديناراً، و للعظم أربعة أخماس المائة ثمانين ديناراً، فاذا كسا اللحم كانت له مائة كاملة، فاذا نشأ فيه خلق آخر و هو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكراً و إن كان اُنثى فخمسمائة دينار ...»(1) و غيرها.
2ـ و أما أنّ الحكم المذكور يعمُّ ما إذا زاولت الاُم نفسها عملية الاسقاط، فباعتبار إطلاق الصحيحة المتقدمة. و تدفع الدية ـ كما هو واضح ـ الى الأب.
و تجب أيضاً فى القتل الشبيه بالعمد و الخطأ المحض ولكنّها مرتّبة، فيجب العتق، فإن لميمكن فصيام شهرين متتابعين، فإن لميمكن فإطعام ستّين مسكيناً.
و الجناية تارة يكون لديتها مقدّر شرعى و اُخرى لايكون.
و يصطلح على الأول بالدية و على الثانى بالأرش أو الحكومة.
و يتمُّ تعيين الأرش بواسطة الحاكم الشرعى بعد استعانته بذوى عدل.
و دية المرأة نصف دية الرجل فى القتل. و أما فى غيره فديتها تساوى دية الرجل ـ فيما إذا كان لها مقدرّ شرعى ـ ما لمتبلغ الثلث و إلاّ رجعت الى نصف دية الرجل.
والعاقلة التى يلزمها تحمّل دية الجناية فى الخطا المحض هى عصبة الجاني، اى الرجال
المتقربون اليه بالاب، كالاُخوة و الاعمام و اُولادهم و ان نزلوا. و ليس من العاقلة الصبي والمجنون و المرأة.
و التقسيم على افراد العاقلة يتم بالتساوى من دون فرق بين الغنى و الفقير و القريب و البعيد.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّه تجب على القاتل عمداً ـ مضافاً الى الدية اذا تَمَّ التراضى عليهاـ كفارة الجمع، فهو ممّا لا خلاف فيه بين الأصحاب. و تدل عليه صحيحة عبداللهبن سنان: «قال أبوعبدالله عليهالسلام : كفارة الدم إذا قتل الرجلُ المؤمنَ متعمّداً فعليه أن يمكّن نفسه من أوليائه، فإن قتلوه فقد ادّى ما عليه إذا كان نادماً على ما كان منه عازماً على ترك العود. و إن عفا عنه فعليه أن يعتق رقبة و يصوم شهرين متتابعين و يطعم ستّين مسكيناً، و أن يندم على ما كان منه و يعزم على ترك العود...»(1) و غيرها.
2ـ و أما أنّ الكفارة مرتبة فى قتل الخطأً بكلا قسميه، فلصحيحة عبدالله بن سنان أيضاً: «قال أبوعبدالله عليهالسلام : ... و إذا قتل خطأً أدّعى ديته الى أولياءه ثم أعتق رقبة، فإن لميجد صام شهرين متتابعين، فإن لميستطع أطعم ستّين مسكيناً مدّاً مدّاً. و كذلك إذا وهبت له دية المقتول فالكفارة عليه فيما بينه و بين ربّه لازمة».(2)
بالأرش أو الحكومة، فهو من المسلّمات فإنّه لايحتمل عدم ثبوت دية فى الموارد التى ليس فيها مقّدر شرعى و إلاّ يلزم إمّا ذهاب دم المسلم هدراً أو نقصان الاسلام فى تشريعه، و كلاهما غير محتمل.
و يمكن استفادة ذلك من صحيحة عبدالله بن سنان عن أبيعبدالله عليهالسلام : «دية اليد إذا قطعت خمسون من الابل. و ما كان جروحاً دون الاصطلام(1) فيحكم به ذوا عدل منكم».(2)
4ـ و أما أنّه يتم تعيين الأرش بواسطة الحاكم الشرعى بعد الاستعانة بذوى عدل، فيمكن استفادته من صحيحة ابن سنان المتقدمة، فإنّها و إن لمتصرح بأنّ المتصدي لتعيين الأرش هو الحاكم إلاّ أنّ ذلك هو المقصود جزماً، فإنّه لابدَّ من وجود شخص يتصدّى لتعيين العدول و اتخاذ القرار بعد ذلك. بل من دون افتراض مثل الشخص المذكور يلزم ازدياد المشاكل تعقيداً، و القدر المتيقن من ذلك الشخص هو الحاكم الشرعي. و لا إطلاق فى الصحيحة من هذه الناحية ليمكن التمسك به لإثبات الاكتفاء بتصدّى أى شخص عادل لذلك.
يبقى شيء، و هو أنّ أى طريق يسلكه العدلان لتعيين الأرش؟ ان ذلك لمتتعرض له الروايات. و المعروف فى كلمات الأصحاب ـ كما فى الشرائع(3) و غيرها ـ أنّ المجروح يفترض مملوكاً ثم يقوّم صحيحاً تارةً و معيباً بالجرح اُخري، و يؤخذ من دية النفس بحساب التفاوت بين القيمتين.
و أما أنّ دية المرأة فى غير القتل تساوى دية الرجل ما لمتبلغ الثلث و إلاّ رجعت الى نصف دية الرجل، فتدل عليه صحيحة أبان بن تغلب: «قلت لأبيعبدالله عليهالسلام : ما تقول فى رجل قطع إصبعاً من أصابع المرأة، كم فيها؟ قال: عشرة من الابل. قلت: قطع اثنتين؟ قال: عشرون. قلت: قطع ثلاثاً؟ قال: ثلاثون. قلت: قطع أربعاً؟ قال: عشرون. قلت: سبحان الله يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون و يقطع أربعاً فيكون عليه عشرون! إنّ هذا كان يبلغنا و نحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله و نقول: الذي جاء به شيطان. فقال: مهلاً يا أبان هذا حكم رسول الله صلياللهعليهوآلهوسلم ، إنّ المرأة تعاقل(2) الرجل الى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت الى النصف. يا أبان إنّك أخذتنى بالقياس، و السنّة إذا قيست محق الدين»(3) و غيرها من الروايات الكثيرة.
المشهور بين الأصحاب. و وجهه: أنّ ذلك هو معنى العصبة لغة.
7 ـ و أما أنّ الصبى و المجنون ليس من العاقلة، فهو ممّا لا خلاف فيه. و يدل عليه حديث رفع القلم حتى بناءً على اختصاصه بقلم التكليف، فإنّ ثبوت الدية علي العاقلة تكليف محض و من البعيد أن يكون حكماً وضعياً.
و أما أنّ المرأة ليست من العاقلة، فباعتبار اختصاص العاقلة لغة بالذكور.
8 ـ و أما أنّ التقسيم يتمّ بالتساوى، فباعتبار أنّ ما دلَّ على كون الدية علي العاقلة يدل بنفسه على ذلك، فإنّ التقسيط بشكل آخر يحتاج الى دليل، وهو مفقود.
و قيل: إنّ أمر التقسيم بيد الإمام عليهالسلام أو نائبه.
و قيل: إنّ على الغنى نصف دينار و على الفقير ربعه.
و كلاهما لا دليل عليه. والمناسب ما تقدّم.
9 ـ و أما عدم الفرق بين الغنى و الفقير، فلعدم الدليل على الاختصاص بالغني. أجل، إذا كان الفقير عاجزاً عن الدفع اختصّ العقل بغيره؛ لأنّ ثبوت الدية علي العاقلة ـ كما تقدّم ـ تكليف محض، و هو لا يعمّ العاجز.
10 ـ و أما عدم اختصاص العقل بالقريب، فلأنّ لفظ العاقلة يشمل البعيد أيضاً، و لا دليل على التقييد.
و هى مشروعة بالكتاب و السنّة القطعية.
و تنقسم الى المقدَّرة شرعاً و غيرها.
و هى ثابتة فى موارد خاصة.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ تحديد الدية ما تقدم، فهو من واضحات اللغة و الفقه.
و أما أنّها مشروعة، فهو من ضروريات الاسلام. و يدل عليه قوله تعالي: «و من قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ و دية مسلّمة الى أهله»،(2) و الروايات الكثيرة التى تأتى الاشارة الى بعضها.
2ـ و أما انقسامها الى المقدَّرة شرعاً و غيرها، فباعتبار أنّ الجناية تارة يكون لها تقدير شرعى و اُخرى لايكون لها ذلك. و يصطلح على الأول بالدية و على الثاني بالأرش أو الحكومة.
1 ـ بكسر الدال و تخفيف الياء.
2 ـ النساء: 92.
2 ـ النساء: 92.
(261)
و يتمّ تعيين الأرش وفق طريقة يأتى بيانها فى ما بعد إن شاء الله تعالي.
و الدية بكلا قسميها تؤخذ من الجانى إن كانت الجناية عمدية أو شبه ذلك، و من العاقلة إن لم تكن كذلك.
3ـ و أما موارد ثبوتها، فهي:
أ ـ الخطأ المحض و الشبيه بالعمد. و ثبوت الدية فيهما دون القود أمر متسالم عليه بيننا. و يدل عليه قوله تعالي: «و من قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ و دية مسلّمة الى أهله»(1)، فإنّه بإطلاقه يشمل الخطأ بكلا قسميه. و يمكن استفادة ذلك من الروايات أيضاً ـ و لكن الطابع العام عليها ضعف السند ـ كرواية الفضل بن عبدالملك عن أبيعبدالله عليهالسلام : «سألته عن الخطأ الذى فيه الدية و الكفارة، هو الرجل يضرب الرجل و لايتعمد؟ قال: نعم...»(2) و غيرها.
هذا وقد تقدمت فيبداية البحث عنالقصاص الإشارة الى خلاف مالك فلاحظ.
ب ـ الموارد التى لايثبت فيها القصاص بالرغم من كون القتل عمداً، كقتل الأب ولده أو المسلم الذمي. و قد تقدمت الإشارة الى وجه ثبوت الدية فى مثل ذلك في بداية البحث عن القصاص.
ج ـ الموارد التى لايمكن فيها القصاص، كبعض الجروح التى لايمكن ضبطها. و قد تقدّمت الإشارة الى ذلك فى نهاية البحث عن القصاص.
د ـ موارد القصاص فيما اذا تراضى الطرفان على الدية. و قدتقدّمت الإشارة الي ذلك فى مبحث القصاص تحت عنوان «من أحكام قصاص النفس».
1 ـ النساء: 92.
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 28، باب 11 من ابواب القصاص فى النفس، حديث 19 .
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 28، باب 11 من ابواب القصاص فى النفس، حديث 19 .
(262)
مقادير الديات
الديات المقدَّرة شرعاً هى على أنحاء مختلفة نشير الى بعضها:(1)دية القتل عمداً
دية قتل المسلم عمداً ـ إذا تمّ التراضى عليها ـ أحد اُمور ستة:* مائة من الإبل الفحولة المسنّة.(2)
* أو مائتا بقرة.
* أو ألف دينار ذهب.(3)
* أو عشرة آلاف درهم فضة.(4)
* أو ألف شاة.
* أو مائتا حلّة(5)، و كل حلّة ثوبان: ازار و رداء.
و استيفاؤها يكون ضمن فترة سنة.
و يجوز الاستيفاء بالأوراق النقدية المتداولة فى زماننا مع تعذر الستة أو تراضي الطرفين على ذلك.
1 ـ حيث إنّ الديات المقدّرة شرعاً كثيرة جداً، و استيعابها يوجب التطويل و يورث الملل اقتصرنا على البعض
المهم منها.
2 ـ المسنّة من الإبل ـ على ما قيل ـ هى ما دخلت فى السنة السادسة.
3 ـ المقصود الدينار الشرعى الذى مقداره مثقال ذهب بوزن 18 حمصة. و قيل انّ الدينار الشرعى يعادل أربعة غرامات ذهب و ربع تقريباً، فالدية على هذا أربعة كيلوات من الذهب و ربع الكيلو تقريباً.
4 ـ المقصود الدرهم الشرعى الذى هو من الفضة و يعادل 6/12 حمصة. و قيل انّ الدرهم الشرعى يعادل ثلاثة غرامات إلاّ ربع عشر الغرام تقريباً، فالدية على هذا ثلاثون كيلواً إلاّ ربع الكيلو من الفضة تقريباً.
5 ـ الحُلَّة ـ بضم الاول ـ مطلق الثوب أو خصوص الثوب الساتر لجميع البدن. و الفقهاء فسّروها بالثوبين، بل قيل: إنّ ذلك هو معناها لغة.
2 ـ المسنّة من الإبل ـ على ما قيل ـ هى ما دخلت فى السنة السادسة.
3 ـ المقصود الدينار الشرعى الذى مقداره مثقال ذهب بوزن 18 حمصة. و قيل انّ الدينار الشرعى يعادل أربعة غرامات ذهب و ربع تقريباً، فالدية على هذا أربعة كيلوات من الذهب و ربع الكيلو تقريباً.
4 ـ المقصود الدرهم الشرعى الذى هو من الفضة و يعادل 6/12 حمصة. و قيل انّ الدرهم الشرعى يعادل ثلاثة غرامات إلاّ ربع عشر الغرام تقريباً، فالدية على هذا ثلاثون كيلواً إلاّ ربع الكيلو من الفضة تقريباً.
5 ـ الحُلَّة ـ بضم الاول ـ مطلق الثوب أو خصوص الثوب الساتر لجميع البدن. و الفقهاء فسّروها بالثوبين، بل قيل: إنّ ذلك هو معناها لغة.
(263)
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ دية القتل عمداً ما تقدم، فممّا لا خلاف فيه. و تدل عليه صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج: «سمعت ابن أبى ليلى يقول: كانت الدية فى الجاهلية مائة من الإبل فأقرّها رسول الله صلياللهعليهوآلهوسلم ، ثم إنّه فرض على أهل البقر مائتى بقرة، و فرض على أهل الشاة ثنية(1)، و على أهل الذهب ألف دينار، و على أهل الورق عشرة آلاف درهم، و على أهل اليمن الحلل مائتى حلّة. قال عبدالرحمن بن الحجاج: فسألت أباعبداللّه عليهالسلام عما روى ابن أبى ليلي، فقال: كان على عليهالسلام يقول: الدية ألف دينار ـ و قيمة الدينار عشرة دراهم ـ و عشرة آلاف لأهل الأمصار، و على أهل البوادى مائة من الإبل و لأهل السواد مائتا(2) بقرة أو ألف شاة»(3) و غيرها.
و موضع الاستشهاد نقل ابن الحجاج عن الإمام عليهالسلام و إلاّ فما نقله ـ فى صدر الصحيحة ـ عن ابن أبى ليلى ليس حجة كما هو واضح.
و منه يتضح أن مستند عدِّ مائتى حُلّة من جملة أفراد الدية ينحصر بالتسالم الفقهى على ذلك و إلاّ فكلام ابن أبيليلى ـ الذى ذكر فيه ذلك ـ ليس حجة.
ثم إنّ المذكور فى الصحيحة أنّ على أهل السواد مائتى بقرة و على ... و هذا لا ينبغى أن يفهم منه التعيين، بل هو وارد مورد الارفاق و التسهيل كما هو واضح.
و ينبغى الالتفات الى أنّ المعروف بين الفقهاء بل ادّعى عدم الخلاف فيه أن التخيير بين الأفراد الستة ثابت للجانى دون أولياء المجنى عليه. و هو إن لميستفد
1 ـ الثنية من الغنم: ما دخل فى السنة الثالثة.
2 ـ الوارد فى الطبع القديم من وسائل الشيعة: مائة بقرة. و هو اشتباه، فانّ الموجود فى المصادر الاصلية للصحيحة و هى الكتب الأربعة: مائتا ـ مائتى ـ بقرة.
3 ـ وسائل الشيعة: 19 / 141، باب 1 من ابواب ديات النفس، حديث 1 .
2 ـ الوارد فى الطبع القديم من وسائل الشيعة: مائة بقرة. و هو اشتباه، فانّ الموجود فى المصادر الاصلية للصحيحة و هى الكتب الأربعة: مائتا ـ مائتى ـ بقرة.
3 ـ وسائل الشيعة: 19 / 141، باب 1 من ابواب ديات النفس، حديث 1 .
(264)
من الصحيحة المتقدمة فيكفى لإثباته كونه مقتضى الأصل.
و ينبغى الالتفات أيضاً الى أنّ المسألة تشتمل على روايات اُخرى قد تدل علي مضامين اُخرى تغاير مضمون الصحيحة المتقدمة من بعض الجهات، و لكن لأجل عدم القائل بذلك و هجران الأصحاب لها تكون ساقطة عن الحجية.
2ـ و أما أنه يعتبر فى الإبل أن تكون فحولة مسنّة، فهو رأى معروف. و تدل عليه صحيحة معاوية بن وهب: «سألت أباعبدالله عليهالسلام عن دية العمد، فقال: مائة من فحولة الإبل المسان...»(1) و غيرها.
3ـ و أما أنّ استيفاء دية العمد يكون ضمن فترة سنة، فممّا لا خلاف فيه، و تدل عليه صحيحة أبيولاّد عن أبيعبداللّه عليهالسلام : «كان على عليهالسلام يقول: تستأدى دية الخطأ فى ثلاث سنين، و تستأدى دية العمد فى سنة».(2)
4ـ و أما جواز الاستيفاء بالأوراق النقدية مع التعذر أو التراضى، فواضح؛ لأنّه مع التعذر حيث لايحتمل سقوط الدية رأساً فيتعين الرجوع الى البدل الأقرب و هو الأوراق النقدية.
وأما أنّه مع التراضى يجوز ذلك، فأوضح؛ لأنّ الحق لا يعدو الطرفين.
ثم إنّه لو فرض وجود بعض الأفراد الستة و عدم التراضى بالأوراق النقدية، فهل يحقّ للجانى الالزام بها؟ المناسب هو العدم؛ لأنّ ظاهر الصحيحة الالزام بالأعيان نفسها فمع التمكن منها لا وجه للالزام بالبدل.
1 ـ وسائل الشيعة: 19 / 146، باب 2 من ابواب ديات النفس، حديث 2 .
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 150، باب 4 من ابواب ديات النفس، حديث 1 .
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 150، باب 4 من ابواب ديات النفس، حديث 1 .
(265)
دية الشبيه بالعمد
دية القتل الشبيه بالعمد هى أحد الاُمور الستة المتقدّمة، غير أنّه يعتبر فى الإبل أن تكون: أربعون منها خَلِفة من بين ثنية الى بازل عامها، و ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون.(1)و تستوفى من الجانى خلال سنوات ثلاث.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ دية القتل الشبيه بالعمد هو أحد الأفراد الستة أيضاً، فباعتبار إطلاق صحيحة عبدالرحمن المتقدمة.
2ـ وأما أنّه يعتبر فى الإبل ماذكر من الأوصاف، فهو رأى معروف. و تدل عليه صحيحة عبدالله بن سنان: «سمعت أباعبداللّه عليهالسلام يقول: قال أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر، إنَّ دية ذلك تغلظ و هى مائة من الابل: منها أربعون خلفة من بين ثنية الى بازل عامها، و ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون»(2)
و هى إذا كانت ضعيفة السند ببعض طرقها، ففى بعضها الآخر كفاية فلاحظ.
3ـ و أما أنّها تستوفى من الجانى دون العاقلة، فهو المشهور بين الأصحاب. و
1 ـ الخلفة ـ بفتح الحاء و كسر اللام ـ هى الحامل من النوق.
و الثنية من الابل: ما دخل فى السنة السادسة.
و البازل من الابل: ما دخل فى التاسعة. يقال: هو بازل، أى طلع نابه. و اذا دخل فى العاشرة قيل هو بازل عام.
و على هذا يكون المقصود أنه تجب أربعون من الابل الحامل التى عمرها بين ست الى عشر سنوات.
و الحقة هى الناقة الداخلة فى الرابعة. سميت بذلك لأنها استحقت أن يحمل عليها.
و بنت اللبون هى الناقة الداخلة فى الثالثة. سميت بذلك لأن أمّها قد وضعت و صار لها لبن.
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 146، باب 2 من ابواب ديات النفس، حديث 1 .
و الثنية من الابل: ما دخل فى السنة السادسة.
و البازل من الابل: ما دخل فى التاسعة. يقال: هو بازل، أى طلع نابه. و اذا دخل فى العاشرة قيل هو بازل عام.
و على هذا يكون المقصود أنه تجب أربعون من الابل الحامل التى عمرها بين ست الى عشر سنوات.
و الحقة هى الناقة الداخلة فى الرابعة. سميت بذلك لأنها استحقت أن يحمل عليها.
و بنت اللبون هى الناقة الداخلة فى الثالثة. سميت بذلك لأن أمّها قد وضعت و صار لها لبن.
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 146، باب 2 من ابواب ديات النفس، حديث 1 .
(266)
يدل عليه إطلاق الآية الكريمة: «و من قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ و ديةٌ مسلّمةٌ الى أهله»(1)، فإنّها ظاهرة فى أنّ الدية ثابتة على الجاني، و بإطلاقها تشمل كلا قسمى الخطأ، غايته خرج الخطأ المحض ـ الذى تجب فيه الدية على العاقلة ـ بالدليل الخاص.
4ـ و أما أنّها تستوفى فى سنين ثلاث، فلصحيحة أبيولاّد المتقدمة.
هذا، و لكن المشهور أنّها تستوفى فى سنتين لا ثلاث، إلاّ أنّه لا دليل على ذلك سوى الإجماع المدّعى من بعض. و عليه فالمناسب العمل بالصحيحة بناءً على أنّ إعراض المشهور عن روايةٍ لايوجب سقوطها عن الاعتبار.
دية الخطأ المحض
دية الخطأ المحض أحد الاُمور الستة المتقدمة ـ غايته يلزم فى الإبل أن تكون ثلاثون منها حقة، و ثلاثون بنت لبون، و عشرون بنت مخاض(2)، و عشرون ابن لبون ـ و تستوفى من العاقلة خلال سنين ثلاث.و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ دية الخطأ المحض أحد الاُمور الستة السابقة أيضاً، فلنفس ما تقدّم في القتل الشبيه بالعمد.
2ـ و أما أنّه تلزم فى الإبل الاوصاف السابقة، فهو المشهور بين الأصحاب. و تدل عليه صحيحة عبداللّه بن سنان: «سمعت أباعبداللّه عليهالسلام يقول: ... و الخطأ يكون فيه
1 ـ النساء: 92.
2 ـ بنت المخاض هى الناقة التى دخلت فى الثانية. و سمّيت بذلك لأنّ اُمّها قد حملت.
2 ـ بنت المخاض هى الناقة التى دخلت فى الثانية. و سمّيت بذلك لأنّ اُمّها قد حملت.
(267)
ثلاثون حقة و ثلاثون ابنة لبون و عشرون بنت مخاض و عشرون ابن لبون ذكر».(1)
3ـ و أما أنّها تستوفى من العاقلة، فأمر لا خلاف فيه. و تدل عليه صحيحة الحلبي: «سألت أباعبداللّه عليهالسلام ... و الاعمى جنايته خطأ تلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين فى كلّ سنة نجماً ...».(2)
و أما أنها تستوفى فى سنوات ثلاث، فللصحيحة المذكورة و صحيحة أبى ولاّد المتقدمة.
دية الجوارح
فى الجناية على العين الواحدة نصف الدية و على كلتيهما الدية كاملة. و هكذا الحال في الجناية على الأذن الواحدة و الأذنين، و الشفة الواحدة و الشفتين، و اليد الواحدة و اليدين، و الرجل الواحدة و الرجلين. و فى استئصال اللسان الدية كاملة.و المستند فى ذلك:
إن ما ذكر ممّا لا خلاف فيه و تقتضيه قاعدة «أنّ كلّ ما كان منه فى الجسد واحد ففيه الدية كاملة، و ما كان فيه اثنان ففى كل واحد منهما نصف الدية، و فيهما معاً الدية كاملة» المستفادة من صحيحة عبدالله بن سنان عن أبيعبدالله عليهالسلام : «ما كان فى الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية، مثل اليدين و العينين. قلت: رجل فقئت عينه ، قال: نصف الدية، قلت: فرجل قطعت يده، قال: فيه نصف الدية ...»(3) و غيرها
و من ذلك يتضح الوجه فى حكم البقية.
1 ـ وسائل الشيعة: 19 / 146 ، باب 2 من ابواب ديات النفس، حديث 1 .
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 306، باب 2 من ابواب العاقلة، حديث 1 .
3 ـ وسائل الشيعة: 19 / 214، باب 1 من ابواب ديات الاعضاء، حديث 1 .
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 306، باب 2 من ابواب العاقلة، حديث 1 .
3 ـ وسائل الشيعة: 19 / 214، باب 1 من ابواب ديات الاعضاء، حديث 1 .
(268)
دية الأصابع
فى قطع كل واحد من أصابع اليد عُشر دية اليد، و فى قطع كل إصبع من أصابع الرجل عُشر دية الرجل.و المستند فى ذلك:
بعد كونه هو المشهور صحيحة عبدالله بن سنان عن أبيعبدالله عليهالسلام : «أصابع اليدين و الرجلين سواء فى الدية فى كلّ إصبع عشر من الإبل»(1) و غيرها.
و فى مقابل ذلك صحيحة ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «... ففى الإبهام اذا قطع ثلث دية اليد ... و فى الأصابع فى كل إصبع سدس دية اليد ...».(2)
إلاّ أنّ الصحيحة المذكورة، لإعراض المشهور عنها(3)، ساقطة عن الاعتبار بناءً على تمامية كبرى سقوط الرواية عن الحجية باعراض المشهور عنها، و تعود الصحيحة الاُولى بناءً على ذلك سالمة عن المعارض و يتمّ رأى المشهور.
دية الضرب
دية اللطمة على الوجه اذا احمرّ دينار و نصف، و إذا اخضرّ فثلاثة دنانير و اذا اسودّ فستة دنانير.(4) و اذا كان ذلك فى البدن فالدية نصف ما فى الوجه.
1 ـ وسائل الشيعة: 19 / 294، باب 39 من ابواب ديات الاعضاء، حديث 4 .
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 229، باب 12 من ابواب ديات الاعضاء، حديث 1 .
3 ـ لاستيضاح ذلك لاحظ: كتاب دروس تمهيدية فى القواعد الرجالية: 205 .
4 ـ مرَّ المقصود من الدينار تحت عنوان «دية القتل عمداً».
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 229، باب 12 من ابواب ديات الاعضاء، حديث 1 .
3 ـ لاستيضاح ذلك لاحظ: كتاب دروس تمهيدية فى القواعد الرجالية: 205 .
4 ـ مرَّ المقصود من الدينار تحت عنوان «دية القتل عمداً».
(269)
والمستند فى ذلك:
بعد كونه هو المشهور بين الأصحاب موثقة اسحاق بن عمار ـ برواية الشيخ الصدوق ـ عن أبيعبدالله عليهالسلام : «قضى أمير المؤمنين عليهالسلام فى اللطمة يسود أثرها في الوجه أنّ أرشها ستة دنانير، فإن لمتسود و اخضرَّت فإنّ أرشها ثلاثة دنانير، فإن احمارَّت و لمتخضرَّ فإنّ أرشها دينار و نصف. و فى البدن نصف ذلك»(1) و غيرها.
والوارد فى الموثقة و إن كان هو كلمة «اللطمة» الظاهرة فى الضرب باليد إلاّ أنّالمناسب هو التعدّى الى غير الضرب و الى غير ماكان باليد للقطع بعدم الخصوصية لذلك.
دية الحمل
فى اسقاط الحمل إذا كان نطفة عشرون ديناراً، و إذا كان علقة فأربعون ديناراً، و إذا كان مضغة فستوّن ديناراً، و إذا كان فيه عظم فثمانون ديناراً، و إذا كُسى لحماً فمائة دينار، و إذا ولجته الروح فألف دينار إن كان ذكراً و خمسمائة إن كان اُنثي.والحكم المذكور يعمّ ما إذا زاولت الاُم نفسها عملية الاسقاط ولو بشرب دواء و نحوه.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّ دية الحمل ما ذكر، فهو المعروف بين الأصحاب. و تدل عليه صحيحة ظريف عن أميرالمؤمنين عليهالسلام : «جعل دية الجنين مائة دينار، و جعل منى الرجل الى أن يكون جنيناً خمسة أجزاء، فاذا كان جنيناً قبل أن تلجه الروح مائة دينار، و ذلك أنّ الله عزّوجل خلق الانسان من سلالة و هى النطفة فهذا جزء، ثم علقة فهو جزآن، ثمّ مضغة
1 ـ وسائل الشيعة: 19 / 295، باب 4 من ابواب ديات الشجاج و الجراح، حديث 1 .
(270)
فهو ثلاثة أجزاء، ثم عظماً فهو أربعة أجزاء، ثمّ يكسا لحماً فحينئدٍ تمَّ جنيناً فكملت لخمسة أجزاء مائة دينار، والمائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائة عشرين ديناراً، و للعلقة خمسى المائة أربعين ديناراً، و للمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين ديناراً، و للعظم أربعة أخماس المائة ثمانين ديناراً، فاذا كسا اللحم كانت له مائة كاملة، فاذا نشأ فيه خلق آخر و هو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكراً و إن كان اُنثى فخمسمائة دينار ...»(1) و غيرها.
2ـ و أما أنّ الحكم المذكور يعمُّ ما إذا زاولت الاُم نفسها عملية الاسقاط، فباعتبار إطلاق الصحيحة المتقدمة. و تدفع الدية ـ كما هو واضح ـ الى الأب.
من احكام القتل و الديات
تجب على القاتل عمداً ـ مضافاً الى الدية لو تَمَّ التراضى عليها ـ كفارة الجمع.و تجب أيضاً فى القتل الشبيه بالعمد و الخطأ المحض ولكنّها مرتّبة، فيجب العتق، فإن لميمكن فصيام شهرين متتابعين، فإن لميمكن فإطعام ستّين مسكيناً.
و الجناية تارة يكون لديتها مقدّر شرعى و اُخرى لايكون.
و يصطلح على الأول بالدية و على الثانى بالأرش أو الحكومة.
و يتمُّ تعيين الأرش بواسطة الحاكم الشرعى بعد استعانته بذوى عدل.
و دية المرأة نصف دية الرجل فى القتل. و أما فى غيره فديتها تساوى دية الرجل ـ فيما إذا كان لها مقدرّ شرعى ـ ما لمتبلغ الثلث و إلاّ رجعت الى نصف دية الرجل.
والعاقلة التى يلزمها تحمّل دية الجناية فى الخطا المحض هى عصبة الجاني، اى الرجال
1 ـ وسائل الشيعة: 19 / 237، باب 19 من ابواب ديات الاعضاء، حديث 1 .
(271)
المتقربون اليه بالاب، كالاُخوة و الاعمام و اُولادهم و ان نزلوا. و ليس من العاقلة الصبي والمجنون و المرأة.
و التقسيم على افراد العاقلة يتم بالتساوى من دون فرق بين الغنى و الفقير و القريب و البعيد.
و المستند فى ذلك:
1ـ أما أنّه تجب على القاتل عمداً ـ مضافاً الى الدية اذا تَمَّ التراضى عليهاـ كفارة الجمع، فهو ممّا لا خلاف فيه بين الأصحاب. و تدل عليه صحيحة عبداللهبن سنان: «قال أبوعبدالله عليهالسلام : كفارة الدم إذا قتل الرجلُ المؤمنَ متعمّداً فعليه أن يمكّن نفسه من أوليائه، فإن قتلوه فقد ادّى ما عليه إذا كان نادماً على ما كان منه عازماً على ترك العود. و إن عفا عنه فعليه أن يعتق رقبة و يصوم شهرين متتابعين و يطعم ستّين مسكيناً، و أن يندم على ما كان منه و يعزم على ترك العود...»(1) و غيرها.
2ـ و أما أنّ الكفارة مرتبة فى قتل الخطأً بكلا قسميه، فلصحيحة عبدالله بن سنان أيضاً: «قال أبوعبدالله عليهالسلام : ... و إذا قتل خطأً أدّعى ديته الى أولياءه ثم أعتق رقبة، فإن لميجد صام شهرين متتابعين، فإن لميستطع أطعم ستّين مسكيناً مدّاً مدّاً. و كذلك إذا وهبت له دية المقتول فالكفارة عليه فيما بينه و بين ربّه لازمة».(2)
الأرش و الحكومة
3ـ و أما أنّ الدية قد لايكون لها مقدّر شرعي، فيجب دفع ما يصطلح عليه
1 ـ وسائل الشيعة: 15 / 579، باب 28 من ابواب الكفارات، حديث 2 .
2 ـ وسائل الشيعة: 15 / 559، باب 10 من ابواب الكفارات، حديث 1 .
2 ـ وسائل الشيعة: 15 / 559، باب 10 من ابواب الكفارات، حديث 1 .
(272)
بالأرش أو الحكومة، فهو من المسلّمات فإنّه لايحتمل عدم ثبوت دية فى الموارد التى ليس فيها مقّدر شرعى و إلاّ يلزم إمّا ذهاب دم المسلم هدراً أو نقصان الاسلام فى تشريعه، و كلاهما غير محتمل.
و يمكن استفادة ذلك من صحيحة عبدالله بن سنان عن أبيعبدالله عليهالسلام : «دية اليد إذا قطعت خمسون من الابل. و ما كان جروحاً دون الاصطلام(1) فيحكم به ذوا عدل منكم».(2)
4ـ و أما أنّه يتم تعيين الأرش بواسطة الحاكم الشرعى بعد الاستعانة بذوى عدل، فيمكن استفادته من صحيحة ابن سنان المتقدمة، فإنّها و إن لمتصرح بأنّ المتصدي لتعيين الأرش هو الحاكم إلاّ أنّ ذلك هو المقصود جزماً، فإنّه لابدَّ من وجود شخص يتصدّى لتعيين العدول و اتخاذ القرار بعد ذلك. بل من دون افتراض مثل الشخص المذكور يلزم ازدياد المشاكل تعقيداً، و القدر المتيقن من ذلك الشخص هو الحاكم الشرعي. و لا إطلاق فى الصحيحة من هذه الناحية ليمكن التمسك به لإثبات الاكتفاء بتصدّى أى شخص عادل لذلك.
يبقى شيء، و هو أنّ أى طريق يسلكه العدلان لتعيين الأرش؟ ان ذلك لمتتعرض له الروايات. و المعروف فى كلمات الأصحاب ـ كما فى الشرائع(3) و غيرها ـ أنّ المجروح يفترض مملوكاً ثم يقوّم صحيحاً تارةً و معيباً بالجرح اُخري، و يؤخذ من دية النفس بحساب التفاوت بين القيمتين.
1 ـ الاصطلام: الاستئصال.
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 299، باب 9 من ابواب الشجاج و الجراح، حديث 1 .
3 ـ شرائع الاسلام: 4 / 1045 .
2 ـ وسائل الشيعة: 19 / 299، باب 9 من ابواب الشجاج و الجراح، حديث 1 .
3 ـ شرائع الاسلام: 4 / 1045 .
(273)
دية المرأة
5ـ و أما أنّ دية المرأة نصف دية الرجل فى القتل، فلا خلاف فيه بين الأصحاب. و تدل عليه صحيحة عبدالله بن مسكان عن أبيعبدالله عليهالسلام : «إذا قتلت المرأة رجلاً قتلت به. و إذا قتل الرجل المرأة فإن أرادوا القود أدّوا فضل دية الرجل على دية المرأة و أقادوه بها، و إن لميفعلوا قبلوا الدية دية المرأة كاملة. و دية المرأة نصف دية الرجل»(1) و غيرها.و أما أنّ دية المرأة فى غير القتل تساوى دية الرجل ما لمتبلغ الثلث و إلاّ رجعت الى نصف دية الرجل، فتدل عليه صحيحة أبان بن تغلب: «قلت لأبيعبدالله عليهالسلام : ما تقول فى رجل قطع إصبعاً من أصابع المرأة، كم فيها؟ قال: عشرة من الابل. قلت: قطع اثنتين؟ قال: عشرون. قلت: قطع ثلاثاً؟ قال: ثلاثون. قلت: قطع أربعاً؟ قال: عشرون. قلت: سبحان الله يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون و يقطع أربعاً فيكون عليه عشرون! إنّ هذا كان يبلغنا و نحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله و نقول: الذي جاء به شيطان. فقال: مهلاً يا أبان هذا حكم رسول الله صلياللهعليهوآلهوسلم ، إنّ المرأة تعاقل(2) الرجل الى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت الى النصف. يا أبان إنّك أخذتنى بالقياس، و السنّة إذا قيست محق الدين»(3) و غيرها من الروايات الكثيرة.
العاقلة
6 ـ و أما أنّ العاقلة تختص بالمتقربين بالأب و لاتشمل المتقرّبين بالاُم، فهو
1 ـ وسائل الشيعة: 19 / 59، باب 33 من ابواب القصاص فى النفس، حديث 2 .
2 ـ كلمة «تعاقل» مشتقة من العقل بمعنى الدية ـ سميت بذلك إما لأنّ من معانى العقل المنع، و الدية تمنع صاحبها من الجرأة على الجناية، أو باعتبار أنّ الدية كانت إبلاً تعقل عند ولى المقتول ـ و المقصود أنّ المرأة تستحق العقل و هو الدية بمقدار دية الرجل و تساويه فى ذلك الى حدَّ الثلث.
3 ـ وسائل الشيعة: 19 / 268، باب 44 من ابواب ديات الاعضاء، حديث 1 .
2 ـ كلمة «تعاقل» مشتقة من العقل بمعنى الدية ـ سميت بذلك إما لأنّ من معانى العقل المنع، و الدية تمنع صاحبها من الجرأة على الجناية، أو باعتبار أنّ الدية كانت إبلاً تعقل عند ولى المقتول ـ و المقصود أنّ المرأة تستحق العقل و هو الدية بمقدار دية الرجل و تساويه فى ذلك الى حدَّ الثلث.
3 ـ وسائل الشيعة: 19 / 268، باب 44 من ابواب ديات الاعضاء، حديث 1 .
(274)
المشهور بين الأصحاب. و وجهه: أنّ ذلك هو معنى العصبة لغة.
7 ـ و أما أنّ الصبى و المجنون ليس من العاقلة، فهو ممّا لا خلاف فيه. و يدل عليه حديث رفع القلم حتى بناءً على اختصاصه بقلم التكليف، فإنّ ثبوت الدية علي العاقلة تكليف محض و من البعيد أن يكون حكماً وضعياً.
و أما أنّ المرأة ليست من العاقلة، فباعتبار اختصاص العاقلة لغة بالذكور.
8 ـ و أما أنّ التقسيم يتمّ بالتساوى، فباعتبار أنّ ما دلَّ على كون الدية علي العاقلة يدل بنفسه على ذلك، فإنّ التقسيط بشكل آخر يحتاج الى دليل، وهو مفقود.
و قيل: إنّ أمر التقسيم بيد الإمام عليهالسلام أو نائبه.
و قيل: إنّ على الغنى نصف دينار و على الفقير ربعه.
و كلاهما لا دليل عليه. والمناسب ما تقدّم.
9 ـ و أما عدم الفرق بين الغنى و الفقير، فلعدم الدليل على الاختصاص بالغني. أجل، إذا كان الفقير عاجزاً عن الدفع اختصّ العقل بغيره؛ لأنّ ثبوت الدية علي العاقلة ـ كما تقدّم ـ تكليف محض، و هو لا يعمّ العاجز.
10 ـ و أما عدم اختصاص العقل بالقريب، فلأنّ لفظ العاقلة يشمل البعيد أيضاً، و لا دليل على التقييد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..