الأحد، 21 أبريل 2013

السلطة الأولى والإعلام

الخميس ١٨ أبريل ٢٠١٣ القضاء والإعلام سلطتان رفيعتان، يختلفان في الرتبة والمنزلة، ويستويان في الأثر والأهمية. ولئن كان القضاء هو السلطة الأولى كما قضى النظام الأساسي للحكم - وهو أسمى الأنظمة في المملكة - كما في مادته الـ44 ونصها: «تتكون السلطات في الدولة من: السلطة القضائية، السلطة التنفيذية، السلطة التنظيمية، وتتعاون هذه السلطات في أداء وظائفها، وفقاً لهذا النظام وغيره من الأنظمة، والملك هو مرجع هذه السلطات».
فإن الإعلام باعتباره السلطة الرابعة وقد سبقه في المادة التاسعة من النظام ذاته النص الآتي: «تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة، وبأنظمة الدولة، وتُسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتِها، ويُحظر ما يؤدي إلى الفتنة، أو الانقسام، أو يمس أمن الدولة وعلاقاتها العامة، أو يُسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه، وتبين الأنظمة كيفية ذلك».
ولا تزال العلاقة بين هاتين السلطتين شديدة الحساسية وبالغة الخطورة، فالقضاء يتعلق بحقوق الناس وحرياتهم ومصالحهم، ولذا كان محل الصدر من تلك السلطات، وكذا الإعلام فهو ذو أثر بالغ التأثير في صنع الرأي العام وتشكيله ونشر الوعي وإشاعته.
ولذا فإن القضاء يسمح للإعلام وغيره بحضور جلساته استناداً إلى مبدأ علنية الجلسات، وعلى الإعلام أن يجتنب التأثير في القضاء، أو أن يسمح لأحد طرفي النزاع بأن يستقوي به ضد خصمه، أو أن تهيمن أُحادية الحصول على المعلومة عليه لينصر طرفاً على طرف أثناء مرحلة التحقيق أو المحاكمة. ولذا نص نظام المطبوعات والنشر بوضوح في مادته التاسعة على: «يلتزم كل مسؤول في المطبوعة بالنقد الموضوعي والبناء الهادف إلى المصلحة العامة، والمستند إلى وقائع وشواهد صحيحة. ويحظر أن يُنشر بأي وسيلةٍ كانت أي مما يأتي».. وجاء في الفقرة السابعة منها: «وقائع التحقيقات أو المحاكمات، من دون الحصول على إذن من الجهة المخولة نظاماً».
ولا يفوت هنا التنبيه للتفريق بين التعليق على الأحكام الابتدائية والأحكام النهائية، فالأولى داخلة في نص المادة ويحظر نشرها، أما الثانية فاستقر في كل الأعراف القضائية إمكان التعليق المتخصص عليها والإفادة منها من رجال الفقه والقانون من دون التشهير بالأشخاص والجهات، كثمرة من أهم ثمار ضمانة نشر الأحكام القضائية.
ومن خلال تجربتي في التحدث الرسمي لأعوام بديوان المظالم كنت أشهد بوضوح أن لكل منهما مُنطلقاته التي يرتكن إليها، فالإعلام يراقب الزمن ويسابق الوقت، والقضاء يفحص البيّنات ويبت في الخصومات، والطرفان لا يغيب عنهما السعي لنصرة المظلوم وإشاعة العدل.
وسيبقى تحقيق التكامل بين الطرفين وردم أية هوة تكون بينهما غرض المصلحين في الجانبين؛ وصولاً لإعلام قانوني متخصص يتعاطى بنضج مع القضاء، وقضاء محترف يستعين بالإعلام لنشر الوعي وإشاعة العدل الاجتماعي فيه وقائياً وعلاجياً.


الحياة
أحمد الصقيه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..