وبعد نقديمه من قبل عريف الحفل ارتقى الدكتور سعيد المنصة وبدأ كلمته وقال
- بسم الله الرحمن الرحيم هذه اعظم كلمات تعلمتها في حياتي وهي مفتاح
النجاح لاي شخص في اي مهنة وخصوصا مهنة الطب لانها تصلك بالله الذي بيده كل
شيئ و توصيك بالرحمة التي هي مفتاح كل شيئ .
اعزائي الخريجين ابارك
لكم شرف امتهانكم لاحدى اعظم المهن على الارض ويكفي ان تعلموا ان الناس
يستودعونكم اغلى ما يملكون وهي صحتهم واحبابهم ويكون املهم بعد الله بكم
للحفاظ على ودائعهم .
لقد دعيت من قبل لالقاء خطب تخرج ولكن هذه المرة
ساقص عليكم كيف اصبحت ما أنا عليه الان واتمنى ان تكون قصتي ذات فائدة لكم
في حياتكم العملية .
عندما كنت طفلا صغيرا كان لدي تأخر في النمو
العقلي ولم اتمكن من النطق قبل سن السادسة وعندما دخلت المدرسة كنت دائما
متأخرا عن زملائي واجد صعوبة كبيرة في الفهم او الرد على اسئلة المعلمين او
انجاز الواجبات المنزلية وكان بعض المعلمين ينادوني بالغبي بينما الاطفال
يركضون خلفي وينادوني (المتخلف) ولم يكن احد منهم يرغب في مصاحبتي وكنت
وحيدا لا اجد حتى من العب معه وبقية الاطفال ينظرون لي على اني مهرج واداة
لتسليتهم عبر السخرية مني واستمر الوضع هكذا حتى قرر المعلمون في اجتماعهم
فصلي من المدرسة لأنني (متخلف) عقليا واتسبب في تأخير بقية الطلاب عن
دراستهم .
عندما قال سعيد هذه الكلمات ، حل السكون على القاعة واصبح
الجميع وكأن على رؤوسهم الطير ولم يكن احد يصدق ان هذا الطبيب العبقري كان
يسمى (المتخلف ) فالجميع كانوا يتصورونه مميزا منذ طفولته .
وبعد أن رأى سعيد رد فعل كل من في القاعة ابتسم و أكمل
- ولكن الوحيد الذي اعترض كان احد المعلمين الافاضل الذي رفض هذه الفكرة
و أصر على حقي في التعليم وتطوع لكي يعمل معي ساعة اضافية كل يوم دون مقابل
كي يحسن من مستواي التعليمي وهذا ما حصل حيث كنت ابقى في المدرسة برفقة
المدرس و والدي الذي كان يجلس خارج الصف بانتظار ان ياخذني الى البيت ويوما
بعد يوم بدأ مستواي بالتحسن واستطاع معلمي ان يوصلني الى مستوى التلاميذ
الاخرين ولم يكن بقية المعلمين يصدقون هذا التغيير في مستواي التعليمي حتى
اني صرت حديث المدرسة كلها وكان هذا المعلم الجليل يقول لي دائما : انت لست
متخلفا او غبيا ، المتخلف هو من لايحاول التغلب على صعوباته ، فاذأ كنت متأخرا عن
البقية .. فعليك ان تركض اسرع مرتين , مرة كي تلحق بهم ومرة كي تتقدم عليهم .
ورغم ان اسرتي كانت لديها طموحات متواضعة فيما يخص مستقبلي وكأن اغلب ظنهم
اني ساكون عاملا او في احسن الاحوال صاحب صنعة ، مع. احترامي. لجميع. المهن .
الا أن معلمي كان يقول لي لا تستسلم للاحلام الصغيرة فأنها ستبقيك صغيرا
اريدك ان تحلم بان تكون رائد فضاء او عالم ذرة او طبيب معروف لا تدع احدا
يقتل احلامك .
انقضت الايام وانهيت الدراسة الابتدائية ودخلت المرحلة
الثانوية وكنت مرعوبا حتى الموت لاني كنت اعتمد على معلمي كي يبقيني قويا
ولكن كلماته بقيت في ذهني
( يا سعيد لا احد يقرر من انت سواك اذا قررت ان
تكون متخلفا كما يرونك فستكون واذا اردت ان تكون ناجحا كما ترى نفسك
فستكون )
يا سعيد ان الغزال ليس اسرع من الفهد ولا اقوى منه ولكنه اذا صمم
على البقاء فسيتغلب على الفهد وينجو بحياته لقد ارادوا طردك من المدرسة
واثبتت لهم انك افضل من بقية الطلاب فلا تتوقف حتى تصل الى مرادك .
ورغم اني كنت اكثر التلاميذ تفوقا في المرحلة الاعدادية والثانوية الا ان
لقب (المتخلف) بقي مرافقا لي ولم يعد يضايقني بل اصبح دافعا لي لبذل جهد
اكبر للتفوق .
وعندما دخلت كلية الطب واجهتني صعوبات كبيرة في تامين
نفقات الدراسة ومسلتزماتها الباهظة ولأن عائلتي محدودة الدخل لم يكن والداي قادران على مساعدتي ماليا وفي احد الايام قررت ترك دراسة الطب وذهبت الى
معلمي واخبرته برغبتي فابتسم وقال : اذً .. قررت بدل الغزال ان تكون خروفا
.
صدمتني كلماته واحسست بقسوتها وهو صاحب القلب الرحيم ولكنه قال :
من يستسلم
بدون مقاومة هو الخروف وليس الغزال والخيار لك ايهما تريد ان تكون اما
المتفوق كما ترغب ام ( المتخلف) كما يرونك .
نزلت الدموع من اعين بعض الطلبة وهم يسمعون كلمات سعيد الذي اكمل ..
خرجت من عند معلمي وفي الطريق مررت بمطعم دخلت كي اتناول شطيرة اسد بها
جوعي فوجدت صاحب المطعم غاضبا لان العامل الذي يجب ان يحضر كل ليلة لتنظيف
المحل وتجهيزه للغد ترك العمل .
وفجاة خطرت ببالي فكرة ،فعرضت عليه ان اقوم
انا بالعمل.
فوافق فورا وهكذا اصبحت وبكل فخر عامل النظافة في مطعم وكنت
ادرس نهارا واعمل ليلا وانام بضع ساعات حتى انهيت كلية الطب وبدات مسيرتي
حتى اصبحت ما ترونه اليوم .
نعم ايها الزملاء الاعزاء انا وبكل فخر
(متخلف ) ولكني وبفضل الله ورحمته التي وضعها في قلب معلمي اصبحت متقدما و
متفوقا لاتستهينوا بأحد لا تعتبروا اي مريض حالة ميؤوس منها ولتكن الرحمة
في قلوبكم اقوى من اليأس في عقولكم
في طريق الخروج استوقفته فتاة على كرسي متحرك وقالت له :
- انا طالبة طب وقد اصبت في حادث سيارة و انا مشلولة جزئيا ، وقد تملكني
اليأس وكنت على وشك ترك الدراسة ولكن خطابك اليوم جعلني اغير رأيي وساستمر
في مسيرتي ويوما ما قد أقف نفس وقفتك هذه لاروي قصة كفاحي
ابتسم سعيد وقال
بالتوفيق يا ابنتي ولتكن بدايتك ( بسم الله الرحمن الرحيم )
* ملاحظة لايوافق الكاتب على وصف (متخلف ) لاي كان ، ويعتبرها اهانة لا مبرر لها لاصحاب الهمم لذا وجب التنويه
* قصة خيالية
* جميع الحقوق محفوظة للكاتب
محسن الصفار
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..