من مات محبا لأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وشهد للعشرة بالجنة، وترحم على معاوية، كان حقيقا على الله ألا يناقشه الحساب
صهر النبي الكريم- معاوية ...أمير البر والبحر
صهر
النبي معاوية بن أبي سفيان(معاوية) عالم فقيه، حكيم حليم، باسل مقدام،
داهية في السياسة وحسن التدبير يقول: "لو كان بيني وبين الناس شعرة ما
انقطعت، إذا جذبوها أرخيتها، وإذا أرخوها جذبتها". عقلية فذة لها قدرة
عجيبة على الاستيعاب والاقناع، يدخل عليه أحدهم غضبانا متحاملا ويخرج منه
محبا مادحا.
عبقري عجيب ورجل دولة من طراز فريد،
بنى دولة حديثة متعددة الأعراق والثقافات، وانشأ مؤسساتها وادارتها وقنن
نظمها، وأحكم حمايتها وعدل بين رعيتها. يباشر المسؤولية بنفسه " ويظهر في
اليوم والليلة خمس مرات فيفد اليه الضعيف والاعرابي والصبي والمرأة فيقول:
ظلمت فيقول: أعزوه، ويقول: عدي عليّ، فيقول: ابعثوا معه، ويقول: صنع بي،
فيقول: انظروا له، حتى إذا لم يبق أحد، دخل فجلس على السرير ثم يقول: أذنوا
للناس على قدر منازلهم". وكان من زواره وجلسائه الحليم حمو الحسن الاحنف
بن قيس وحبر الامة عبد الله بن عباس.
وقد حكم معاوية الشام اربعين عاما، عشرين واليا، وعشرين خليفة فما رفعت شكوى ضده.
كان
معاوية الاموي القرشي جميلا مهيبا. وقد ظهرت عليه علامات النجابة والسيادة
في صغره. كان يمشي مع أمه الحرة هند، فعثر، فقالت: قم لا رفعك الله،
وأعرابي ينظر، فقال: لم تقولين له؟ فو الله إني لأظنه سيسود قومه. قالت: لا
رفعه الله إن لم يسد إلا قومه".
أسلم معاوية يوم عمرة القضاء، فيقول: ولكني كتمت إسلامي من أبي.
معاوية
خال المؤمنين، أخته أم حبيبة، رملة بنت أبي سفيان، زوج النبي الكريم، وهي
أقرب أزواجه نسبا اليه. وقد دعا له رسول الله: " اللهم اجعله هاديا مهديا
وأهد به" وكان أحد كتّابه. بدعاء النبي له وملازمته للكتابة، اكتسب كل تلك
الاخلاق العالية والسيرة العظيمة والعلم الغزير فقد كان" صاحبه، وصهره،
وكاتبه، وأمينه على وحي الله"
معاوية سيرة عطرة في الفتوحات والبطولات والانجازات بدأت زمن النبي واستمرت زمن الخلفاء الراشدين وعند خلافته حتى وافاه الأجل.
معاوية
حقق بشارة الرسول الكريم:" أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور له"
ومعاوية أول من غزا مدينة القسطنطينية عاصمة بلاد قيصر.
وقد
ولاه الفاروق عمر على الشام بعد موت أخيه يزيد ثم ابقاه عثمان عليها بعد
عمر" فعمر ولاّه، وجمع له الشامات كلها، وأقرّه عثمان، بل إنّما ولاّه أبو
بكر الصّديق، لأنه ولى أخاه يزيد، واستخلفه يزيد، فأقره عمر، فتعلق عثمان
بعمر فأقرّه، فانظر الى هذه السلسلة ما أوثق عراها، ثم صالحه وأقر له
بالخلافة الحسن بن علي سبط النبي الكريم".
نصحه أبوه
أبو سفيان: " يا بني إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا... وقد
ولوك جسيما من امورهم فلا تخالفهم، فإنك تجري الى أمد منافس، فإن بلغته
أورثته عقبك". وقد وفّى
حاصر قيسارية المدينة
المحصنة وزاحف أهلها مرات حتى فتحها، وفتح مدن ساحل الشام، كما فتح قبرص.
لم يستسلم الروم لهذه الهزائم فبنى معاوية الصوائف والشواتي بأمر الفاروق
عمر، ولما رآها لا تفي بنى اول اسطول بحري اسلامي لنقل المعركة من الدفاع
الى الهجوم.
كانت هناك ضغوطا من الرعاع الاوباش
(السبئية) على عليّ لعزل ولاة عثمان خصوصا معاوية لمعرفتهم بمواقفه السابقة
من قادة هؤلاء الغوغاء ، فقد كانت العلاقة مع عليّ قبل خلافته جيدا ولا
يوجد ما يشوبها.
أما خلافه مع عليّ فلم يكن حول
الخلافة بل على تنفيذ حكم الله بقتلة باعتباره ولي دمه ﴿ ۗ وَمَن قُتِلَ
مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي
الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا﴾ وقال معاوية: "لا والله إني لأعلم
أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما،
وانا ابن عمه، والطالب بدمه، فأتوه فقولوا له، فليدفع اليّ قتلة عثمان
وأسلم له، فأتوا عليا فكلموه فلم يدفعهم اليه"
وبعد
صلحه مع ابن عمه الحسن استقرت الدولة واستؤنف الجهاد والفتح من جديد بعد
توقفها زمن الراشد عليّ فبدأ تخطيطه الاستراتيجي بإخماد التمردات الداخلية
التي قادها أعداء عليّ، الخوارج، ثم التفرغ للفتوحات فهو اول من حاول فتح
القسطنطينية، وفتح الشمال الافريقي كله بقيادة المقدام عقبة بن نافع
الفهري، باني القيروان، وفتح المقدام معاوية سجستان وخراسان وبلاد ما وراء
النهر وبلاد السند، حتى بلغت مساحة دولته 20 مليون كم مربع من الصين شرقا
الى فرنسا غربا ومن جبال القوقاز شمالا الى افريقيا جنوبا ودخل الإسلام
عشرات الملايين ومازالوا مسلمين، حتى قال عنها ابن حزم:" فلم يكن في دول
الإسلام أنبل منها ولا أكثر نصرا، ولا أذل على أهل الشرك، ولا أجمع لخلال
الخير، وذهب بهاء الدنيا بهدمها"
أمّا ما قيل في
مدحه فقد قال عنه الراشد عليّ:" لا تكرهوا إمارة معاوية، فوالله لئن
فقدتموه لترون رؤوسا تندر عن كواهلها كأنها الحنظل"
وقال
عنه عبد الله بن عمر:" ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه أسود (من
السيادة) من معاوية قيل ولا أبا بكر قال: كان أبو بكر وعمر وعثمان خيرا
نه، وهو أسود منهم"
ويصفه عبد الله بن عباس:" ما رأيت
رجلا كان أخلق بالملك من معاوية وقال: "إنه فقيه" وذكره:" لله در بن هند
ما أكرم حسبه وأكرم مقدرته، والله ما شتمنا على منبر قط، ولا بالأرض، ضنا
منه بأحسابنا وحسبه"
اما أبو الدرداء فقال عنه:" ما
رأيت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه بصلاة من رسول الله من
أميركم هذا -يعني معاوية". وقال عنه سعيد بن المسيب:" من مات محبا لأبي بكر
وعمر وعثمان وعليّ وشهد للعشرة بالجنة، وترحم على معاوية، كان حقيقا على
الله ألا يناقشه الحساب"
ويتبارى الزنادقة أحفاد كسرى
بعد سقوط مجدهم المجوسي العظيم من ذوي العمائم السود ومن ليس له تاريخ سوى
الندب والإحباط والتخريب، بالنيل منه وممن علّمه ورباه نبيه الكريم وما
نال أحد من صهر النبي معاوية إلا جاهل او شعوبي محترق.
*. الشيخ قاسم الطائي .
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..